القسم المشترك: مشاكل وحلول


تعاني المؤسسة التربوية الابتدائية بالعالم القروي من عدة مشاكل تعيق تحقيق الكفايات المنتظرة من هاته المرحلة التعليمية المهمة في حياة المتمدرس، ومن بين هاته المشاكل نجد مشكل القسم المشترك أو ما يعرف بالقسم متعدد المستويات، وهو يشكل بحق آفة تنخر عجلة تقدم منظومتنا التربوية وتهدد مستقبل أطفالنا.

القسم المشترك: مشاكل وحلول
القسم المشترك: مشاكل وحلول


على الرغم من بعض التعليلات والتبريرات البيداغوجية التي يرفعها بعض فقهاء الأدبيات التربوية حول حسنات الاشتغال بالقسم المشترك، فإن الواقع المعيش بين ظهراني المستوى متعدد الطبقات لينبئ بأن الأمرليس كذلك دائما، وأن موارد متعلمي الأقسام المشتركة ضعيفة وزهيدة، وأن مكتسباتهم الدراسية متدنية جدا عن المستوى الذي يدرسون به، وهذا ملموس من خلال الاطلاع على إنجازاتهم سواءا منها الشفوية أو الكتابية والمهارية ...، طيلة السنة الدراسية، أومن خلال إنتاجاتهم يوم الامتحانات الإشهادية، بالمقارنة مع زملائهم الذين يدرسون في أقسام وحيدة المستوى.

إن تجاهل هذه الظاهرة والتستر عنها ،من طرف الجهات المسؤولة عن هذا القطاع، لا سيما منذ مطلع القرن الحالي الذي يؤرخ للإصلاح الأخير لمنظومة التربية والتكوين، وكأنها طفل غير شرعي للمدرسة المغربية القروية، والتي ما فتئت تتوسع رقعتها حتى شملت جل المدارس المركزية وتضخمت لتلتهم أكثر من مستويين دراسيين في أغلب الفروع المدرسية، وخصوصا العزوف عن تناولها بشكل جدي في التوجيهات الرسمية كالدلائل البيداغوجية والمذكرات التنظيمية كالمذكرة 204 على سبيل المثال، وإغلاق باب التكوين المستمر حول تدبير القسم المشترك في وجه الممارس التربوي، وفي نفس الوقت التمسك بالبرنامج الدراسي المفرد لكل فئة على حدة، مع وحدة الامتحانات الإشهادية للجميع، لهو تدبير خطير يعيدنا إلى مربع ذي حساسية كبيرة وجوهرية تتمثل في الامتيازات التي يستأثر بها العالم الحضري والتهميش البنيوي الذي يعاني منه العالم القروي.

إن سياسة ترك الحبل على الغارب وعدم طرح موضوع التدريس بالأقسام المشتركة بالجدية المطلوبة وعدم تشجيع البحث والدراسة في هذا الموضوع طلبا لتذليل صعوبات الاشتغال به، التي تعترض أطراف العملية التعليمية التعلمية، لهو كذلك:

هروب من مواجهة الواقع ، والواقع لن يرتفع بتجاهله . تشجيع على الحلول الفردية التي لا تتناول الموضوع إلا من زاوية ضيقة مهما أوتي صاحبها من حذق في صناعته . تكريس للنظرة السلبية التي راكمها المدرسون عن هذه الظاهرة وعزوفهم عن الاشتغال مع المستويات المشتركة واعتبار ذلك من "اللعنات " التي تصيبهم . تعميق للميز بين ما هو قروي وما هو مديني وإفراغ لمقولة تكافؤ الفرص من محتواها، بين المواطن القروي والمواطن المديني، لأنه ليس من العدل في شيء أن يدرس المتعلم القروي في أقسام متعددة الطبقات ومايرافقها من صعوبات لا تفرز سوى معارف مبتورة، ثم يطلب منه اجتياز نفس الامتحانات ونفس المباريات التي يتقدم إليها جنبا إلى جنب مع نظيره في المدرسة المدينية أوالخصوصية حيث النتيجة محسومة سلفا .

صعوبة التدريس بالأقسام المشتركة


القسم المشترك " المتجانس " (2+1) أو (3+4) أو(6+5)، يجمع، في صعيد واحد، من جهة، بين متعلمي مستوى أعلى سبق لهم أن قضوا في المستوى الأدنى سنة كاملة – على الأقل - وجازوا إلى المستوى الحالي على إثر امتحان، وبين، من جهة أخرى، متعلمين رسبوا في هذا الامتحان، أو التحقوا بهذا المستوى الأدنى جددا . فالفرق يفترض أن يكون كامنا، بين أغلبهم ، في سنة كاملة من المكتسبات والموارد، إضافة إلى فروق أخرى لاتستثني الأقسام وحيدة المستوى .

هذه الاختلافات، إلى جانب عوامل أخرى،عندما لا يتعامل معها بشكل جدي من طرف جميع المسؤولين في هذا القطاع، تسبب ضعفا في مكتسبات المتعلمين، فتتولد عنها جميعا مشاكل وصعوبات، أجملها كما يلي :

مشاكل إشعاعية / اجتماعية


لقد عبر عدد غير قليل من الآباء عن استيائهم من تمدرس أبنائهم بالأقسام المشتركة، وخصوصا ما يصطلح عليه المدرسون ب "السلسلة " (6+5+4+3+2+1)، وهذا يغذي لدى الآباء إحساسا بالغبن ويكرس عندهم فكرة اللاجدوى من الذهاب إلى المدرسة ويعمق إحساسهم بمحدودية آفاق أبنائهم الدراسية ويشجعهم على اللامبالاة بالمؤسسة التربوية وعدم اهتمامهم سواء بتأخرأبنائهم عن أوقات الدراسة أو تغيبهم أوانقطاعهم حتى . مشاكل نفسية متعلقة بالمدرس: يبدو، في ظل تضافرمجموعة من المعطيات والعوامل، أن بعض الأساتذة قد اتخذوا مواقف سلبية من التدريس بالأقسام المشتركة، ومنه فإن الذي يشتغل بخلفية وأفكار مسبقة عن عمله لا بد أن يؤثر ذلك على عطائه واجتهاده.

مشاكل سيكولوجية متعلقة بالمتعلم


عبر كثيرمن متعلمي المستويات العليا في الأقسام المشتركة عن امتعاضهم من الدراسة إلى جانب زملاء لهم كرروا السنة أو مع تلاميذ آخرين " صغار " في المستوى الأدنى، وهذا له قيمته السيكولوجية عند أهل الاختصاص، كما اشتكى تلاميذ بالمستويات الدنيا في الأقسام المشتركة، من هيمنة متعلمي المستويات العليا على كثير من الأعمال التنظيمية أو التعلمية كالأنشطة العلمية أو الرياضية حيث يشتغل المتعلمون في مجموعات.

مشاكل تنظيمية داخل الفصل الدراسي


كثير من أقسام " السلسلة " يشكو من ظاهرة الاكتظاظ، وهذا يطرح مشكلا كبيرا متعلقا بكفاية التجهيزات والوسائل الديداكتيكية وسبل الاستفادة منها .

كيف نحد من سلبية الأقسام المشتركة (متعددة المستويات)؟

ولكل هاته المشاكل وجب التفكير بجدية في اتخاذ إجراءات فورية تحد من سلبيات الظاهرة وندرجها كالتالي:

الاعتراف الصريح بظاهرة الأقسام المشتركة من طرف الجهات المسؤولة


إن أولى الخطوات في الاتجاه الصحيح، في تقديري، هو أن تظفر الظاهرة المومأ إليها آنفا بقسط من الاهتمام منطرف المسؤولين حتى يتم التطبيع السيكولوجي مع الواقع المعيش، وهذا من شأنه أن
يفتح بابا في جدار الصمت المريب، ويشجع على البحث والدراسة حولها، فيطرح الموضوع للنقاش والتداول والتجريب، ويغتني التواصل بين القاعدة والقمة حول هذا الإشكال،ولا إخال ذلك إلا مذللا لما تعانيه الساحة التعليمية من إكراهات وصعوبات في تعاملها مع المستويات المشتركة.

تكوين متين ومستمرللممارس التربوي


 لا يجادل أحد في أن الرافعة الأساس في العملية التعليمية –التعلمية هي المدرس ،وأن مهما كانت الأهداف والبرامج والبنية المادية للمؤسسة والوسائل والتجهيزات ...فإن المدرس هو ذلك القمع entonnoir الذي يتحكم في مقدار صبيب الموارد ونوعيتها وكيفيتها. وعليه فإن عنصر التكوين لدى المدرس، ونحن نتحدث عنالأقسام المشتركة، يحسم مسألة بلوغ الفعل التربوي – التعليمي أهدافه بنسبة كبيرة. فالمدرس إذا كان كفيئا في مهمته، مهما اعترضته من صعاب فإنه يمتلك القدرة على الاجتهاد والخلق والإبداع لتخطي الحواجز والإكراهات، وهذه مسألة بالغة الأهمية في هذا الميدان، وشتان الفرق بين من بلغ درجة الاجتهاد ومن لم يتخط عتبة الاتباع.

برنامج دراسي خاص بالمستويات المشتركة 

إن أي موضوع دراسي، سوى بعض الخصوصيات في الرياضيات أو اللغة العربية بالمستوى الأول والفرنسية بالمستوى الثالث، يمكن أن يدرس من المستوى الأول إلى المستوى الجامعي، وأستدل مثلا، بموضوع الحواس أو التوالد في النشاط العلمي، أو بأية ظاهرة تركيبيةأو صرفية في اللغة العربية أو أي موضوع في المواد الاجتماعية، كل ذلك يمكن أن يكون موضوع دراسة لأية مجموعة ممدرسة، حسب مستوى الفئة المستهدفة منه، وحسب طريقة تناول الموضوع والهدف من الدراسة، وعليه فإن تخصيص المستوى المشترك ببرنامجين دراسيين، في تقديري، ليس من العلمي في شيء.
هذا فيما يخص الاقتراح الأول أما المقترح الثاني فهو تعميم فكرة المدارس الجماعاتية وتطبيقها في كل القرى المغربية فعوض وجود فرعيات بكل فرعية يعمل أيتاذين أو ثلاثة على الأكثر ويدرسون جميع المستويات يجب التفكير بإنشاء مدرسة جماعاتية توجد بمنطقة قروية قريبة نسبيا لكل الدواوير التي تنتشر فيها الفرعيات مع توفير أماكن إيواء للتلاميذ ونقل مدرسي ينقل التلاميذ إلى دواويرهم أيام العطل والسبت والأحد وتوفير الإطعام للتلاميذ فتجميع عدد كاف من الفرعيات حتما سيقضي على القسم المشترك لأن كل قسم دراسي سيصبح فيع العدد الكافي من التلاميذ وبالتالي سنضرب عصفورين بحجر واحد اولا سنقضي على الأقسام المشتركة وثانيا سنوفر في عدد الأساتذة الذي يمكن دمجهم بالمدن التي تعاني أقسامها من الاكتظاظ.

تعليقات