حينما كان للشوارع أسماء قصة يمتزج فيها المرح بالجانب الإنساني والحنين إلى الوطن. وتتألق في هذا الكتاب مهارة رندة عبد الفتاح الكتابية وقدرتها على إثارة المشاعر بذكاء وفطنة
عندما تمرض جدة حياة مرضًا شديدًا. تعلم حياة، التي تبلغ من العمر 13 عامًا، جيدًا أن هناك شيئًا واحدًا يمكنها فعله. فتُقسم حياة أن تحضر لجدتها حفنة من تراب بلدتها المحتلة في مدينة القدس، والتي تشتاق الجدة إلى العودة إليها .
بيت لحم الضفة الغربية 2004
السادسة و النصف صباحا . اتعثر و انا انزل من السرير . ارش الماء البارد على وجهي المحمر من شدة الحرارة فقد اطفئت المروحة المتنقلة اثناء الليل . لعل ستي زينب هي التي اطفأتها فهي تنام و قد تغطت بملاءة ثقيلة حتى في ليالي الصيف الخانقة . امسك بفرشاة اسنان اختي التي نشترك فيها منذ اسابيع مضت . في الليلة الماضية عندما رفع حظر التجوال كانت ماما مشوشة الذهن فلم احصل على واحدة جديدة .
لقد سمح لنا بمغادرة بيوتنا لمدة ساعتين فأسرعنا الى محل بقالة ابي يوسف . بحسابات بابا كان لدينا ساعة و ربع الساعة لجمع مشترياتنا و وضعها في سيارتنا ثم العودة الى البيت . ستي زينب ارادت الذهاب معنا لكنها و قد بلغت السادسة و الثمانين من عمرها كانت تستغرق نفس الوقت الذي تستغرقه نشرة اخبار كاملة في قناة الجزيرة لكي تمشي من مقعدها الى الحمام . فكيف تكفي ساعتان لشراء احتياجاتها ؟
محمد و عمره ثلاثة شهور معلق في حمالة صنعت منزليا بجوار صدر ماما . ماما قامت بتوزيعنا على اقسام المحل . فأرسلتني الى قسم المخبوزات و ارسلت بابا الى قسم مستحضرات النظافة الشخصية و معه طارق و عمره سبعة اعوام ممسكا بيده و ارسلت جيهان اختي الكبرى الى قسم ادةات التنظيف المنزلية . اما الباقي فقد تكفلت به ماما .
اشترى بابا خمس زجاجات (( اثنان في واحد )) من الشامبو و دستة من قطع الصابون و امواس حلاقة للاستعمال مرة واحدة و فوطا صحية و حفاضات و معجون اسنان و ورق تواليت . و نسي في اندفاعه المذعور ( خلف طارق الذي كان يريد ان يلعب ) ان يشتري لي فرشاة اسنان جديدة . لم اشك فالحفاضات لسوء حظ محمد كانت اصغر من مقاسه .
وقف ابو يوسف خلف آلة دفع النقود و معه زوجته و ابنه يحاولون التعامل مع جمهور المشترين المحملين بالبضائع و الذين يتدافعون ليحصل كل منهم على الخدمة اولا . جيهان و انا ضحكتا على ابي يوسف الذي احمر وجهه و هو يدق مفاتيح الة دفع التقود بينما يصرخ في ابنه بأومامر و يجيب اسئلة المشترين عن اماكن المنظفات ذات رائحة اليمون و ورق التوايت ذي الرقائق الثلاث . بدأت امرأتان في الصراخ كل للاخرى بزعم انها الاحق بالخدمة اولا .
صرخت ام يوسف في ضجر : (( النظام ! متى نتعلم الوقوف في الطوابير ؟ ))
تمتم بابا و هو ينظر الي في تعجب : (( عندما تتحول جهنم الى ثلاجة . ))
اقتربت ماما منا و هي محملة بالبضائع بين ذراعيها : (( لماذا تقفون هنا بعيدا عن الى دفع النقود ؟ لم يتبق لنا ما يكفي من الوقت . ))
هز بابا كتفيه فنظرت ماما اليه كما لو كانت تريد ان تقذفه بجرة المخلل التي تمسكها . أومأ بابا الى حشد المشترين قائلا : (( انظري اليهم . سوف يدهسوننا . انا ارتدي افضل بذلة لدي . فنحن لا نعرف من سنلقاه عندما يكون حظر التجوال مرفوعا . ))
الاسم : حينما كان للشوارع أسماء
تأليف : رندة عبد الفتاح
الناشر : دار بلومزبري - مؤسسة قطر للنشر
عدد الصفحات : 256 صفحة
الحجم : 3 ميجا بايت
عندما تمرض جدة حياة مرضًا شديدًا. تعلم حياة، التي تبلغ من العمر 13 عامًا، جيدًا أن هناك شيئًا واحدًا يمكنها فعله. فتُقسم حياة أن تحضر لجدتها حفنة من تراب بلدتها المحتلة في مدينة القدس، والتي تشتاق الجدة إلى العودة إليها .
مقتطفات من الرواية
السادسة و النصف صباحا . اتعثر و انا انزل من السرير . ارش الماء البارد على وجهي المحمر من شدة الحرارة فقد اطفئت المروحة المتنقلة اثناء الليل . لعل ستي زينب هي التي اطفأتها فهي تنام و قد تغطت بملاءة ثقيلة حتى في ليالي الصيف الخانقة . امسك بفرشاة اسنان اختي التي نشترك فيها منذ اسابيع مضت . في الليلة الماضية عندما رفع حظر التجوال كانت ماما مشوشة الذهن فلم احصل على واحدة جديدة .

محمد و عمره ثلاثة شهور معلق في حمالة صنعت منزليا بجوار صدر ماما . ماما قامت بتوزيعنا على اقسام المحل . فأرسلتني الى قسم المخبوزات و ارسلت بابا الى قسم مستحضرات النظافة الشخصية و معه طارق و عمره سبعة اعوام ممسكا بيده و ارسلت جيهان اختي الكبرى الى قسم ادةات التنظيف المنزلية . اما الباقي فقد تكفلت به ماما .
اشترى بابا خمس زجاجات (( اثنان في واحد )) من الشامبو و دستة من قطع الصابون و امواس حلاقة للاستعمال مرة واحدة و فوطا صحية و حفاضات و معجون اسنان و ورق تواليت . و نسي في اندفاعه المذعور ( خلف طارق الذي كان يريد ان يلعب ) ان يشتري لي فرشاة اسنان جديدة . لم اشك فالحفاضات لسوء حظ محمد كانت اصغر من مقاسه .
وقف ابو يوسف خلف آلة دفع النقود و معه زوجته و ابنه يحاولون التعامل مع جمهور المشترين المحملين بالبضائع و الذين يتدافعون ليحصل كل منهم على الخدمة اولا . جيهان و انا ضحكتا على ابي يوسف الذي احمر وجهه و هو يدق مفاتيح الة دفع التقود بينما يصرخ في ابنه بأومامر و يجيب اسئلة المشترين عن اماكن المنظفات ذات رائحة اليمون و ورق التوايت ذي الرقائق الثلاث . بدأت امرأتان في الصراخ كل للاخرى بزعم انها الاحق بالخدمة اولا .
صرخت ام يوسف في ضجر : (( النظام ! متى نتعلم الوقوف في الطوابير ؟ ))
تمتم بابا و هو ينظر الي في تعجب : (( عندما تتحول جهنم الى ثلاجة . ))
اقتربت ماما منا و هي محملة بالبضائع بين ذراعيها : (( لماذا تقفون هنا بعيدا عن الى دفع النقود ؟ لم يتبق لنا ما يكفي من الوقت . ))
هز بابا كتفيه فنظرت ماما اليه كما لو كانت تريد ان تقذفه بجرة المخلل التي تمسكها . أومأ بابا الى حشد المشترين قائلا : (( انظري اليهم . سوف يدهسوننا . انا ارتدي افضل بذلة لدي . فنحن لا نعرف من سنلقاه عندما يكون حظر التجوال مرفوعا . ))
بيانات الرواية
تأليف : رندة عبد الفتاح
الناشر : دار بلومزبري - مؤسسة قطر للنشر
عدد الصفحات : 256 صفحة
الحجم : 3 ميجا بايت
تعليقات
إرسال تعليق