تغوص الرواية بعمق فى آليات الخوف والتفكك خلال نصف قرن، كما هى رواية عن مجتمع عاش بشكل متواز مع البطش والرغبات المقتولة، عبر سيرة عائلة اكتشفت أن كل أحلامها ماتت وتحولت إلى ركام، كما تحولت جثة الأم إلى خردة يجب التخلص منها ليستمر الآخرون فى العيش.
مقتطفات من الرواية

تركت المسودات على الطاولة لاسام كالعادة لم نهتم بشأنها كبقية الرسائل القديمة التي كسا الغبار حروفها المكتوبة بحبر صيني خاص طوال عشرين سنة احضرته من مكتبة خالي عبد المنعم في مدخل باب النصر . اعتادت زيارته و السؤال عن ورق مسطر تفوح منه رائحة القرفة اعتاد سؤالها و لم يعد يتبادل معها الذكريات عن زمن الترامواي الجميل كما كانا يسميان طفولتهما الشائكة و علاقتهما المعقدة يناولها بصمت دستة اوراق بيضاء يعيد لها النقود و لا يسمعها حين تطلب منه الصبر يعود للجلوس في ركنه المظلم محدقا في صورة عائلية بهتت الوانها و لم تفارقه في منصفها يقف ابنه يحيى مبتسما شعره ملمع بالزيت يحيطه اخواه حسن و حسين بذراعيهما بحركة قوية واثقة و معبرة عن طموح ابناء العائلة بوئام دائم .
خالي عبد المنعم لم يعد يرى من الصورة سوى ابنه يحيى الذي رآه لاخر مرة جثة مسجاة في مشرحة مشفى الجامعة محترق الوجه و من دون اصابع على جسمه كدمات كابلات كهربائية و شقوق سكاكين متقيحة لم تندمل بعد . اكتفى بنظرة واحدة لتعرف اليه اغلق بعدها الطبيب الشرعي الصندوق الحديدي كأنه يقوم بعمل روتيني و لم يستمع لرجائه الحار بالسماح له بتلمس وجهه . طلب منه ببرود اجراء معاملة استلام الجثة و دفنها دون عزاء تحت حراسة ستة جنود مظليين كانوا يتجولون ببنادقهم و لباسهم الحربي الكامل في ممرات المشرحة .
قبل صلاة الفجر حضر الى المشفى مع ابنيه حسن و حسين و صديق تم طرده بقسوة . حملوا الجثة إلى سيارة دفن الموتى الفولكس فاغن القديمة صعدوا اليها و التفوا حول التابوت حدق بعضهم في عيون بعض و بكوا بصمت .
بيانات الرواية
تأليف: خالد خليفة
الناشر: دار الآداب
عدد الصفحات: 255 صفحة
الحجم: 4 ميجا بايت
تعليقات
إرسال تعليق