رواية عبد الخالق الركابي "ليل علي بابا الحزين"، تنطلق بأحداثها من الاحتلال الأميركي للعراق، متخذة من معاناة بضع شخصيات موضوعا لها: فتواكب تلك الشخصيات وهي تعيش عنف ما حصل وما نتجت عنه من تداعيات توجت بتفجير سامراء الذي تسبب في حصول فتنة طائفية خسر آلاف الأبرياء بسببها أرواحهم، متحدثة، في الوقت نفسه، عن معاناة الأقليات كما تتطرق الرواية إلى المقدمات التي مهدت للاحتلال وفترة الحصار الرهيبة لتعود إلى الاحتلالين العثماني والإنجليزي. كل تلك الأحداث تدور في إطار حكاية (علي بابا) المعروفة والتي تتمحور حول محنة علي بابا مع لصوصه الأربعين وانعكاس تلك الحكاية على واقع العراق المحتل الذي تحول إلى مرتع للصوص
مقتطفات من الرواية
شائعة لم اقتنع بصحتها بطبيعة الحال فقد عزونها إلى شعور الجميع بافتقاد الامن منذ احتلال البلاد : فما من مرة التقيت احدا عند باب البيت أو اقرب حانوت ابو منير الا و بادرين بسؤال وحيد يتعلق بالاجراءات التي اتخذتها لتحصين بيتي بالشكل الذي يردع اللصوص عن التفكير بالاقدام على ما لا يحمد عقباه !
و فوجئت ذات يوم بأحد الجيران ينزوي بي في جانب من الطريق ليسر لي باستعداده لتزويدي بقطعة سلاح !

- في وسعي تزويدك بما تشاء بسعر الطماطم و الخيار فمعسكرات الجيش نهبت عن اخرها و افرغت مشاجب الاسلحة من محتوياتها .
و عاد يذكرني بأعمال السلب و النهب الجارية على قدم و ساق بعدما لم تعد ثمة سلطة تتحكم بالناس . و حينما وجدني لا اعير تحذيراته الاهتمام المتوقع كرر على سمعي بكل جدية اسطور كهرمانة و لصوصها الاربعين ليغادرني و هو يؤكد استعداده لتزويدي بالسلاح وقتما اشاء !
حينما كنت احاول ما وسعتني الحيلة التأقلم مع الوضع الجديد : اصم السمع عن هدير السمتيات الامريكية و هي تصول و تجول في السماء على هواها و اغض الطرف عن مرأى مدرعات المارينز و هي تسابق بعضها بعضا في شوارع بغداد المستباحة مقنعا نفسي بضرورة استثمار كل هذه الامور مادة لرواية مضت عليها سنوات و هي لا تزال اسيرة ادراج مكتبي على شكل ملفات و وثائق و رسائل تتطلب الكثير من الجهد و المزاج قبل أن افلح في تطويعها بالطريقة التي ترضيني .
كنت يائسا – نعم لم لا اعترف بالحقيقة ؟ - فقدت ايماني بجدوى الكلمات لا قدرة لي على اضافة كتاب اخر إلى عالم تحول فيه الانسان إلى محض رقم مهمل بين مليارات الارقام الاخرى يزيده التقدم التكنولوجي عزلة و بؤسا .
كنت في انتظار الومضة السحرية تلك الومضة التي تذكي حرائق الابداع على غير توقع دون أن يخطر لي أن ذلك لن يحصل الا بعد مرور ثلاث سنوات و عشرة شهور و تسعة عشر يوما على الاحتلال على وجه التحديد و ذلك على اثر قدوم دنيا تلك المسيحية المحجبة إلى بغداد !
يومذاك و أنا ارافق دنيا في تحركها على امتداد شارع الكندي و هي تبحث عن العيادة المنشودة كنت كالمسرنم : يتبدى لي كل ما حولي – من عمارات و شوارع و سيارات و بشر – بهيئة غير واقعية كما تتبدى الاشياء من حولنا في الحلم !
كنت لا ازال اسير فترة اعتكافي الطويل في البيت على مدى الشهور المنصرمة التي احتدم خلالها الصراع الطائفي على اثر تفجير قبة الامامين في سامراء لا استطيع التعامل مع ما حولي بالتلقائية المطلوبة حتى إن دنيا اعتادت أن تطلب مني كلما كنا بصدد عبور احد الشوارع ضرورة التروي و الحذر لتضيف في كل مرة معتذرة :
- يؤسفني اضطراري إلى فرض نفسي عليك في وقت غير ملائم على الاطلاق .
بيانات الرواية
تأليف: عبد الخالق الركابي
الناشر: المؤسسة العربية للدراسات والنشر
عدد الصفحات: 292 صفحة
الحجم: 4 ميجا بايت
تعليقات
إرسال تعليق