رحلة الغرناطي لــ ربيع جابر


سنة 1091م يفقد محمد أخاه الأكبر الربيع في غابات غرناطة. بعد سبع سنوات يسمع أخباراً عن رجل، ربما يكون أخاه، يتاجر بالقرمز والأعشاب الطبية بين بلسنية وقرطبة.
رجل يشبهه كأنه هو، ويقيم في بلنسية. هذه المدينة تقع وراء نهر خوكار، خارج حدود الأندلس الاسلامية، وضمن أراضي الأسبان المسيحيين.
رحلة محمد لن تنتهي سريعاً. من مدينة الى أخرى، ومن أوروبا الى أفريقيا الى بلاد الشام، يطارد محمد الغرناطي أثر رجل بلنسي قد يكون أخاه.

مقتطفات من الرواية

اليوم الاخير من آب ( اغسطس ) 1091 .
آذان الفجر يرتفع من جوامع غرناطة .
رحلة الغرناطي على ضفة نهر شنيل في بيت مطروش بالكلس ابيض يفتح فتى – يدعى محمد – عينيه – و يتثاءب .
في نور خفيف يتسرب كالماء من ثقوب المشربية يرى اخاه كعادته غارقا في النوم تحت ناموسية .
انفاس الخريف تحرك الفضاء .
و محمد ابن الحادية عشرة لا يعلم أن هذا الفجر الاليف لن يتكرر مرة اخرى .
في غرفة مجاورة من البيت نفسه كان الاب عبدالرحمن – المصاب بالفالج منذ نصف سنة – قد استيقظ . يوقظه الاحساس الكاذب بحركة خفيفة في النصف الاسفل المشلول من جسمه كل ليلة قبل اذان الفجر بساعة او ساعتين . في نومه يعتقد – او يحلم – انه قوس ساقه اليمنى و اخذ يهزها منزعجا من الطقس الحار . او يتخيل انه حرك ساقه الاخرى بعصبية دافعا شرشف القطن الرقيق الى اسفل الفرشة . او يحس انه انقلب على جنبه مسندا ثقل كامل جسده على فخذه الايسر و واجه المشربية بوجهه بينما ذراعه تخبط الفضاء للتخلص من طنين بعوضة تؤرق ليله . ذلك احساس لا يفهم كيف لا يكون حقيقيا تماما و هو يملأ خلاياه و اعصابه و يفور في دمه .
يفتح عينيه نائما على ظهره فتهبط الحقيقة على صدره سوداء كسرب غربان خرج من حصن مهجور .
ابوه سليمان قبل شهرين جلب نجارا نشر خشب المشربية الى نصفين . فكها و ركب مفاصل حديد في الجدار و ثبت مزلاجا في وسطها . بات بوسعه حين يشاء أن يرفع المزلاج الدقيق و يدفعها كأباجور خشب مستندا بجسمه الى حافة الرف الرخامي العميق . يشرعها و يلتقط ابريق الفخار عن الرف و يدلقه على فمه . يشرب في الصباح كأنه مشى الليل كله في صحراء سجلماسة و قبل أن يؤذن شيخ عبد الواحد الفجر يرد المشربية الى الداخل من جديد و يسند ظهره الى الحائط و يراقب عبر الثقوب و الزخارف حركة الزقاق المفضي الى الجامع . رجال يترنحون في ضباب الصباح ماضين الى الصلاة . و صيادو سمك يهبطون الى النهر . رعاة يخرجون مع قطعانهم الى البرية وراء سهول الموز . و جنود من المرابطين يغادرون غرناطة للمشاركة في حصار اشبيلية .
بين الرعاة ابناه . محمد ابن الحادية عشرة و الربيع ابن الثالثة عشرة . بعد آذان الفجر بقليل يسمع ضجتهما على السلالم و هما يهبطان الى البهو الداخلي . يسمع الايدي تخبط صفحة الماء في البركة وسط البهو في الاسفل . و يسمع زوجته تتحرك في المطبخ تحته و يشم رائحة الخبر تخرج ساخنة من غرفة الفرن . الخراف تستيقظ في الزريبة و الثيران تخور . دلاء الحديد تطرطق و يعرف أن بناته يحلبن الابقار .

بيانات الرواية

الاسم : رحلة الغرناطي
تأليف : ربيع جابر
الناشر : دار الشروق
عدد الصفحات : 224 صفحة
الحجم : 2 ميجا بايت

تحميل رواية رحلة الغرناطي




تعليقات