من أيام العمر الماضي لــ عبد الله النفيسى


سيرة ذاتية للمحلل السياسي المعروف الدكتور عبدالله فهد النفيسي حيث يستعرض أحداث حياته منذ طفولته حيث كان في مدرسة داخلية في المعادي في مصر مروراً بحياته الجامعية و المهنية التي تخللت رحلات عدة و ينتهي الكتاب بتحليل أسباب هجوم العراق على الكويت في ٢ أغسطس ١٩٩٠.

مقتطفات من الرواية

فيكتوريا :
في هذه الساعة من النهار يضج فناء المدرسة بحركة التلاميذ العاشرة و النص اول فرصة للاستراحة – أو كما يسمونها في كلية فيكتوريا ال First break يتجمهر الطلبة عند المقصف الذي يديره مايك جابر يليدس القبرصي اليوناني البدين الودود و زوجته الضئيلة التي تشكو دائما من البرد و الزكام .
الخيارات في المقصف محدودة : سندويتش جبنة رومي ، لوح شيكولاته كورونا ، أو (( دونت )) بمربى الفراولة أو قنينة سيترو و في مناسبات نادرة آيس كريم . وقتها كنا اطفالا لم نتجاوز الثامنة يملؤنا الفرح و الامل و البراءة كانت كلية فيكتوريا بالنسبة من أيام العمر الماضي لطلبتها و القابعة في طرف حي المعادي ( جنوب القاهرة ) اهم مؤسسة في حياتهم خصوصا الطلبة الداخلية الذين يسكنون في عنابر الكلية و يستشعرون رسوخ معيتهم الجمعية في الكلية ( المدرسة ) عنابر السكن و قاعة الطعام الفسيحة و حوض السباحة و قاعة السينما حيث نشاهد كل يوم احد فيلما ( طبعا اسود و ابيض ) و في الاغلب كوميديا .


تشارلز تشارلن أو لوريل و هاردي . المدرسة تتبع النظام الانجليزي في كل شيء : زي موحد بين الطلبة ( رمادي و ازرق ) الاستيقاظ السادسة صباحا ، دوش سريع ، تلميع الاحذية ، ارتداء اليونيفورم و الوقوف في طابور التفتيش استعدادا للذهاب إلى قاعة الطعام لتناول وجبة الافطار الصباحي و لاننا ننام مبكرا ( الثامنة مساء ) حين تطفأ الانوار في كل العنابر لذلك لا يحين موعد الاستيقاظ ( السادسة صباحا ) الا و قد شبعنا نوما و تضورنا جوعا لذلك فإن وجبة الافطار الصباحي كانت تحتل من يومنا المدرسي اهمية كبيرة في العادة يتكون الافطار الصباحي من : قطعة زبدة مع مربى التين و جبنة بيضاء بلدي و كثير من الخبز و شاي مع الحليب الساخن و في بعض الاحيان بيض مقلي أو مسلوق يقدم مع الفول و ذلك يوم الاحد ( العطلة الاسبوعية ) . اما يوم الاربعاء فقد كان يوما من ايام العروبة إذ يقدم لنا الدجاج في العشاء ( السادسة و النصف مساء ) و كان علينا أن نختار بين القطع : إما قطعة من الصدر أو فخذا و كانت تتم مقايضات بيننا و تنازلات و مبادرات حسبما تمليه ( الحالة الرفاقية ) بين الجالسين على المائدة . يرأس المائدة احد الطلبة الكبار و يسمى الكابتن الذي يوزع انصبة الطعام على الطلية الستة الجالسين حول المائدة المستطيلة و من الملاحظات التي لا تغيب عن ذاكرتي أن الكابتن الذي يرأس مائدتنا ( كان يضرب في الطعام كما يضرب ولي السوء في مال اليتيم ) و كان يظفر بما يشتهي و يستحوذ على نصيب وافر من الفاصوليا الخضراء و البطاطس المقلية الروست بيف ( عيني عينك ) و المشكلة انه لم تكن هناك ( مؤسسات عدلية ) للشكوى و رفع المظالم اليها و الوقت ضيق و لم يكن امامنا الا القبول ب ( الوضع الراهن ) و اكتشفت فيما بعد أن القبول بالوضع الراهن ممكن أن يستمر معك طوال حياتك إلى أن تسجى في قبرك ، كل شيء في فيكتوريا كان منظما و جيدا الا الطعام ربما لان ذوق الانجليز في الطعام – خصوصا في الخمسينات – كان ذوقا رديئا للغاية . و يبدو أن الامر قد اجمع عليه كل الطلبة و كان لا بد من انتفاضة أو حركة تصحيحية لتصحيح الوضع لذلك كنا نتحين الفرصة – عندما وصلنا للمرحلة الثانوية – لتنظيم حركة احتجاج صاخبة و جاءت المناسبة : احد الطلبة و خلال وجبة الغذاء عثر على ذبابة في ثنايا المكرونة المسلوقة فاهتبلناها فرصة لفتح ملف الطعام في المدرسة فوضعنا الامر امام الطلبة الغافلين و طلبنا منهم الامتناع عن الاكل و الاصطفاف و الخروج من قاعة الطعام و حملنا الطبق الذي فيه المكرونة و الذبابة متجهين إلى مكتب الناظر نصيح هاتفين : كلية اونطة عايزين فلوسنا .

بيانات الرواية



الاسم: من أيام العمر الماضي
تأليف: عبد الله النفيسى
الناشر: مكتبة افاق
عدد الصفحات: 184 صفحة
الحجم: 3 ميجا بايت

تحميل رواية من أيام العمر الماضي 


تعليقات