الحب فوق البلاط لــ عبد الوهاب مطاوع

مجموعة قصصية أنسانية اجتماعية بحتة


مقتطفات من الكتاب

نظرة جامدة

نهضت من نومها في موعدها اليومي مثقلة الرأس بالصداع و خائرة القوى كحالها منذ ايام ارتدت روبها الازرق الفاتح فوق قميص نومها و دلكت ما تحت عينيها برفق كأنما تنفض عنها اثر النوم القلق المضطرب ثم رمقت زوجها النائم في فراشه بنظرة جامدة كانما تنكر عليه نومه العميق المطمئن و غادرت الغرفة .
الحب فوق البلاط خرجت من الحمام إلى المطبخ فوضعت ابريق المياه فوق النار و الخبز في الفرن و فتحت الراديو فانسابت منه كلمات اغنية عمقت من احساسها بالشجن .
(( كل عام و انت بسلامة و خير .. سلامة و خير يا امي )) الكلمات جميلة لكن الاثر غامض و حزين و يجدد الالام .
توارت ذكرى الام في مخيلتها فلم تعد تذكر عنها الكثير و من بعدها تراجعت صورة الاب حتى تحولت إلى ذكرى قديمة .. و ها هي الأيام تنذر بآلام جديدة .


على غير انتظار !
ترقرقت دمعة في عينيها مع تصاعد احساسها بالشجن فغادرت المطبخ إلى غرفة الابناء ، رمقت (( هادية )) نائمة متكورة في فراشها كعادتها و (( راضي )) الذي يطيح كل ليلة بالغطاء عنه مهما ابتكرت من حيل لتثبيته بحنان ممتزج بالخوف ثم بدأت بإيقاظ هادية الاسرع استجابة دائما ..
و بدأت جهادها اليومي مع راضي . (( هادية )) اكثر مسالمة و اكثر عاطفية .. اما (( راضي )) فهو متعب قليلا لكنه طيب و يعبر عن مشاعره بالتصرفات و ليس بالكلمات غادر الابنان غرفة نومهما إلى الحمام فرجعت إلى المطبخ لاعداد الافطار . اجمل اوقات يومها حين تجمعها مائدة الافطار كل يوم بهما فيتبادلون الحديث و المداعبات و الاخبار ثم يخرج الابنان إلى المدرسة فتعد افطار زوجها و تجلس اليه لتشاركه قهوة الصباح .. يئس منذ سنوات من استجابتها لرجائه بأن تنتظره لتناول الافطار معه و سلم برغبتها في مشاركة (( طفليها )) إفطارهما لكي تشجعهما على تناوله .
في زمان سابق كانت تشرف بنفسها على دخولهما الحمام .. و اغتسالهما و ارتداء ملابسهما . لكن ما اسرع ما يكبر الابناء و يتعمدون على انفسهم في مثل هذه الاشياء الجميلة ! .
كبرت (( هادية )) و (( راضي )) سريعا .. و اعتمدا على نفسيهما في اشياء كثيرة لكن القلب لا يسعد ابدا بتراجع اهميته لدى الاعزاء ! .
جلس الثلاثة إلى مائدة الافطار .. و ما زال صدى كلمات الاغنية الحزينة يثقل مشاعرها بالشجن .. فعزفت عن تناول الطعام و راحت تحتسي الشاي في صمت و هي ترقب (( طفليها )) في اسى غامض ! .
تنبهت من افكارها على صوت هادية يسألها في لطف : مالك يا ماما ؟
فاغتصبت ابتسامة شاحبة و طمأنتها إلى انها على خير ما يرام ! .
(( هادية )) اكثر رقة من (( راضي )) لكن راضي لا يخلو ايضا من حنان يعبر عنه عند الضرورة بطريقته الخاصة .
تسألني عما بي .. فبماذا اجيبها ؟ كيف اشرحه لها و كيف تتفهم الصغيرة عمق احزان الكبار ؟
بي إحساس قديم بالستم و الانكسار .. و خوف جديد من الغدر و تقلبات الأيام ! فقدت امي و انا طفلة صغيرة .. و نربيت في بيت عمتي مع ابنائها ..

بيانات المجموعة القصصية



الاسم : الحب فوق البلاط
تأليف : عبد الوهاب مطاوع
الناشر : الدار المصرية اللبنانية
عدد الصفحات : 124 صفحة
الحجم : 3 ميجا بايت

تحميل المجموعة القصصية الحب فوق البلاط 


تعليقات