يسمعون حسيسها لــ أيمن العتوم


رواية مكتوبة بحرفية عالية, وتبقي القارىء متحفزا لمتابعة تفاصيلها

مقتطفات من الرواية



مثل أي طفل في القرية نما عالمي بين اشجار ظليلة تحكي قصة الذاهبين و بين حقول مورقة تروي فصولا من حياة الراحلين ... كانت السحب العابرة في الايام المشمسة ترفعني اليها عبر خيالاتي المجنحة ... و كانت الفراشات في فصل الربيع تغطي كل شيء بما في ذلك صفحة وجهي السمراء و كانت النحل تهب عسلها للرائحين و الغادين عن طيب نفس و لا تطلب مقابل حتى و لو كانت مجرد كلمة شكر عابرة و كانت الورود تزكم انوف الطيور برواحها الشذية قبل أن تعبق في انوف البشر انفسهم ... و كنت اجد بين اشجار الصفصاف و السرو مساحة للركض الساذج تعبيرا عن انطلاقات عفوية لا يملك طفل في مثل سني لها ردا و في الينبوع الصغير الذي يتفجر من رأس الجبل و يهوي إلى الوادي كنت اجد فرصة للاستحمام الذي لا ينتظر دورا و لا اذنا من احد ... هل كانت هذه الجنة ؟! اذا كانت هذه كذلك فأين جهنم اذا ؟! من يدري ماذا يستتر خلف الغد ... ؟!
يسمعون حسيسها من يتحكم بماضيه ليصنع مستقبله ؟ من يعلم موعد العاصفة القادمة لكي يقف على قارعة الطريق فيتنحى جانبا و يسمح لها بالمرور قبل أن تقتلعه معها إلى الفضاءات الذاهلة فيصبح نثارة في مهب الريح ؟! لو كنت يومها اعرف قيمة القلم و الورقة لرسمت غدي الحالم بيدي قبل أن ترسمه كائنات خارج الإنسانية لا تعترف بالبشرية مطلقا ، انها كائنات قادمة من الجحيم نفسه !! و حينما كنت اتلهى بتعريف الجحيم و قراءة الآيات التي تخبر عنه لم اكن لافهمه الا عندما صرت في قلبه تماما و صار هو في قلبي . لا احد يعرف الجحيم اكثر منا نحن الذين كنا هناك !!!
هل كانت امي تعرف ما يمكن أن يخبؤه القدر لطفل لاه مثلي ؟! و هل كان ابي يدرك أن الجحيم يمكن أن يتشكل في الحياة الدنيا قبل الاخرة و أن على الارض نموذجا له يعد حقيقيا اذا ما عاشه المرء و تنقل بين دركاته ؟! و لانه لا احد يعلم الغيب فقد غرقت في لج القدر ، (( و لو كنت اعلم الغيب لاستكثرت من الخير و ما مسني السوء )) !!
يا إله السماء : كم ناديتك لكي لا تتركني مع الوحوش ثم لم يكن للوحوش الوالغى في دمي أي ارعواء !! يإله السماء السابعة : كم ناجيتك لكي تبقي على ما تبقى من كينونتي التي انتزعوها من تحت جلدي ثم تركتهم يستمرون في انتزاعي مني حتى لم اعد أنا ... أنا !!! أي حكمة تتجلى لي لكي اعيها عنك يا رب و السباع تغل في دمي و لا تكف عن شربي حتى اخر قطرة من روحي !! يا رب السدرة : حكمتك ، فإني لم يعد مني شيء استبقيه ليوم الفهم الاكبر !! يا رب المنتهى : لو كان المنتهى أن انتهي قبل أن اروي عن القادمين من الكوكب الاخر لضاعت الحكمة اذا و لاختفى التجلي و لامحي الفهم !! يا رب الوحوش و الكائنات الغريبة و المخلوقات التي لا تشبه البشر في أي شيء : ساعدني لكي اقول ما ينبغي قوله !! ساعدني لكي انجح في قتل الخوف الذي شرش في اعماقي على مدى سبعة عشر عاما !! ساعدني لكي تكف السياط التي لازلت اتخيلها – بعد كل هذا العمر – تصطفق داخل رأسي صبح مساء و لا تني عن نهش حلاياي و الفتك بعظامي !!

بيانات الرواية



الاسم: يسمعون حسيسها
تأليف: أيمن العتوم
الناشر: المؤسسة العربية للدراسات والنشر
عدد الصفحات: 185 صفحة
الحجم: 13 ميجا بايت


تحميل رواية يسمعون حسيسها


تعليقات