"البومة العمياء" رائعة صادق هدايت والتي ترجمت إلى معظم اللغات الحية. تمثل نسجاً قصصياً ذا سمات متميزة... انسجب في أحداثها الرمز حتى غدت قطعة فنية لبومة وكأنها جوكندة ليناردو دوفنشي رؤيتها تتحدد من خلال الناظر إليها، فالبومة ربما تمثل الإنسان المقهور أو هي أمل يفرض شعاعه من كوّات عذابات حيايتة...
مقتطفات من الرواية
القصة في الأدب الفارسي الكلاسيكي :
للقصة في الأدب الفارسي الكلاسيكي منزلة فريدة فالشعب الإيراني منذ أقدم العصور مغرم بالقصص و الحكايات يتخيرها أحيانا وسيلة لتربية الملوك و تهذيب الشعوب و أحيانا أخرى لبث الحماسة في نفوس المحاربين و آونة لتصوير قصص من الحب جميلة و عذبة وذات نزعة قومية . و قد بقيت من الرواية الفارسية التي أعيدت صياغتها بعد الإسلام قصص كثيرة منفردة بذاتها أو منبثة في كتب التاريخ و الأدب و اغلبها تلعب الأسطورة فيه دورا كبيرا و لكنها مع ذلك لا تقدم قبسا من الحقيقة ففيها الأصالة في المعنى و فيها وحدة الأحداث حينما تتكرر في أكثر من كتاب و قد ضمنت هذه القصص كتب من كانوا يعرفون اللسانين كابن المقفع في الأدبين الصغير و الكبير و الجاحظ في عامة كتبه و بخاصة كتاب التاج المنسوب إليه و قد أثرت هذه الروح القصصية إلى حد كبير في امتزاج الثقافتين منذ أقدم العصور ، يستدل على ذلك من نهج أبي الفرج الأصفهاني في كتابه الأغاني و من ظهور قصص الحب و تدوينها و التوسع فيها و من أحاديث القصص و العباد في المساجد .
و ثمة خاصية بارزة ينفرد بها النثر الفارسي الإسلامي و هي : أن كل من ألف كتابا في أي موضوع سواء في التاريخ أو التصوف أو الأدب لابد أن يورد في منتصف الحديث حكاية توافق مقتضى الحال و تحتوي في ثناياها على ضرب من ضروب الحكمة يتصل بما كان يتحدث عنه أو بما هو مقبل على الحديث فيه يستوي في ذلك أقدم الكتب و ما كتب منها في القرن التاسع عشر . و من الكتب المنثورة ما كتب في قالب الحكاية فحسب مثل كلستان سعدي الشيرازي الذي قلد كثيرا و ظهر من بعده بهارستان ( أي المربع ) لعبد الرحمن الحامي ( 1414 – 1492 م / 817 – 898 هـ ) و بريشان ( أي متفرقات ) لقاآني ( 1837 – 1887 م / 1220 – 1270 هـ ) هذا مع ملاحظة أن القصد من الحديث عن القصة في الأدب الفارسي لا يعني القصة بمعناها الحديث و إنما يعني الروح القصصية التي ساعد في إذكائها عند الفرس غرام الأديب الإيراني بالاستقصاء و الجري وراء المعنى حتى يوفيه حقه كما لاحظ الأستاذ الدكتور عبد الوهاب عزام أثناء دراسته لملحمة الفرس الشهيرة (( الشاهنامة )) .
و هذا القصص الذي ذكرته قد كتب لأغراض أخلاقية أو تعليمية أو صوفية طغت عليه هذه الأغراض حتى أنقصت كثيرا من قيمته الفنية كأعمال قصصية . و ثمة طابع مميز آخر للقصة الفارسية التقليدية إنها اعتمدت أيضا على الشعر خاصة هذا الضرب من الشعر المعروف بالمثنوي حيث تكرر القافية في البيت الواحد مرتين و تتغير من بيت إلى بيت . و من القصص الشعرية ما كتب لأغراض أخلاقية مثل بوستان سعدي أو لأغراض صوفية كالقصص المتفرقة في مثنوي جلال الدين الرومي ( 604 – 762 هـ / 1207 – 1273 م ) ، أو لأغراض أخرى مختلفة كخمسة نظامي للشاعر نظامي الكنجوي ( 535 – 591 هـ / 1140 – 1203 م ) .
و بعد هذه الإشارة القصيرة إلى أصالة الروح القصصية في الأدب الفارسي ينبغي أن اذكر أن هذه الحكايات التي كانت ترصع الكتب قد بقيت جامدة في قوالبها بل اتسمت في اغلب الأحيان بالتكرار و التفصيلات المملة و الإحالة و البعد عن الأصالة .
بيانات الرواية
تأليف : صادق هدايت
الترجمة : إبرهيم دسوقى شتا
عدد الصفحات : 428 صفحة
الحجم : 10 ميجا بايت
تعليقات
إرسال تعليق