مالك الحزين لــ إبراهيم اصلان


رواية رغم قصر عدد صفحاتها إلا إنها غزيرة التفاصيل, دقيقة الوصف. تقمص فيها إبراهيم أصلان دور مخرج مسرحي محنك , يخرج مسرحية واقعية كل أدوارها بطولة مطلقة من خلال تسليط الضوء علي خط أحداث كل شخصية بالتبادل بحيث يصير الباقيين مجرد أدوار ثانوية.

مقتطفات من الرواية



كانت بالامس قد امطرت مطرا كثيرا ابتلت منه حتى عتبات البيوت في الحواري الضيقة إما اليوم فانها كفت لم تمطر و لا مرة واحدة و مع أن الشمس لم تطلع و ظلت طوال النهار و هي غائبة فإن الجو كان أكثر دفئا و منذ قليل جاء المساء مبكرا .
في الحجرة الخاريجة التي تطل على الوسعاية الصغيرة ازاح البطانية عن نصفه الاسفل و جلس على الكنبة و هو يداري ساقيه بطرف الجلباب ، جلباب أبيه . كان شيش النافذة مغلقا وراء الستارة التي تباعدت فيها الزهور الدقيقة الباهتة و ضوء آخر النهار يأتي عبر اللوح الزجاجي المحبب أعلى الباب الخشبي المغلق .
مالك الحزين مد يده إلى كوب الشاي الكبير الدافئ و قام يوسف النجار واقفا .
رأته أمه و هو يعود بالجلباب و السنارة فأدارت وجهها . و عندما دخل لينام طلب منها أن لا توقظه حتى يقوم من النوم وحده لأنه متعب . قامت هي و اخذت كيس السمك و افرغتع في صينية القلل و احضرت صاجة الشواء . اعدت حفنة من الردة و صحنا به ماء خلطت فيه الملح و الشطة و الثوم و الكمون و دخلت وراءه و نظرت إليه و هو راقد و سألته عن الكبريت . قام واقفا حتى لا تضع يدها في جيوب البنطلون و اعطاها العلبة . قالت و هي تخرج أن العم مجاهد مات . و جلس فاروق على الكنبة و قال : (( ازاي ؟ ))
وقفت في مدخل الحجرة و قالت إن الناس يقولون بأن الحكومة لقتيه ميتا داخل الدكان : (( و افتكروه نايم يا عيني و اتاريه كان ميت )) . ثم اضافت و هي تخرج : (( و العساكر مسكت عمك عمر لأنه كان قاعد معاه بعد ما مات )) .
قام فاروق و لبس الشبشب و خرج من باب البيت عبر الوسعاية و وقف تحت البلكونة الخشبية المائلة و نظر إلى دكان العم مجاهد فوجده مغلقا و ليس هناك احد . فكر قليلا ثم استدار عائدا إلى جابر البقال و راح يتكلم معه .
كانت جدران الحجرة مزدحمة بصفوف الكتب المتراصة على ارفف الخشب المحمولة من اطرافها بالحبال المجدولة كما كانت هناك لوحتان كبيرتان على جانبي النافذة احداهما نسخة من الموناليزا التي فردت على الجدار و ثبتت اعلاها بمشبك معدني صغير إما الأخرى فقد علقت في الجانب الايمن فوق نهاية الكنبة التي يجلس . كانت مرسومة بالحبر الشيني على ورق ابيض مال لونه إلى الصفار و موضوعة داخل اطار عريض دون زجاج انطفأ طلاؤه الذهبي و صار في لون النحاس القديم المطروق تمثل رجلا يركب بغلة عجوزا بدرع على الظهر و رمح طويل كالعصا . و كان التابع قريبا من الأرض على ظهره حمار اللاهي ذي الخرجين يرفع رأسه المدور و يتطلع إلى فارسه العالي و هو صامت . و كانت الأرضية مجموعة من الخطوط التي استكملها توقيع بيكاسو و التاريخ و على هذه الأرضية تباعد بين قوائم البغلة و الحمار عدد من طواحين الهواء الصغيرة مثل لعب الاطفال . و بدت الشمس معلقة كأنها الحلقة المعوجة المفتوحة ترسل اشعتها في خطوط قصيرة و طويلة . كما كانت بالحجرة بندقية صيد قديمة و مجموعة مختلفة من زجاجات الخمر الفارغة و الاكواب و أقلام الرصاص و خوذة من الحديد امتلأت بعلب الادوية و امشاط الكبريت و مكتب و مرآة ثقيلة بإطار منقوش و دولاب صغير عليه ( بيك آب ) و تحته زوجان من الاحذية .
و خلف الباب كانت ثيابه معلقة على المشجب النحاسي الصغير .

بيانات الرواية



الاسم : مالك الحزين
تأليف : ابرهيم اصلان
الناشر : الهيئة المصرية العامة للكتب
عدد الصفحات : 88 صفحة
الحجم : 10ميجا بايت

تحميل رواية مالك الحزين 



تعليقات