أرض أرض لــ جمال الغيطانى

 
مقتطفات من الرواية
مقدمة
وقف الزمن
بقلم : الدكتور علي الراعي
وقف الزمن في قصة جمال الغيطاني الأخاذة : " أرض – أرض " وقف عند التاسعة والنصف .
نزل صاروخ صهيوني فأصاب آلة الزمن وأوقف العقارب عند التاسعة والنصف .
أرض أرض لجمال الغيطانى ومع أن أحشاء الآلة قد خرجت فقد ظل شيء ما بداخلها يتحرك ويتحرك , ثم يعود الى الوقف عند التاسعة والنصف !
وأصاب الصاروخ آلة البشر أيضا , أصاب أسرة مصطفى أبو القاسم مدرس التعليم الابتدائي بقرية كفر عامر – محافظة السويس فأبادها ومات آخرون وفقد الفلاح عبد المنعم أبو العطا السمع والنطق .
وجاوز الصاروخ الحد , فأصاب المجتمع القديم في الصميم مجتمع ما قبل 5 يونيو واذا كان بعض هذا المجتمع لا يزال باقيا حتى الآن فهذا هو ظاهر الأمور فقط .


أما باطنها فهو رغبة تتجمع تحتشد تحتج تغلي , وتستعد لازالة آثار العفن والتواطؤ والتراخي وكل ما أدى الى النكبة مما يقبع في الناس وأعمال الناس ومنشآت الناس .
والصاروخ نفسه ينظر اليه جمال الغيطاني متأملا كأنما هو مخلوق جميل ! ينظر اليه كما نظر الشاعر وليم بليك في قصيدة له الى النمر تبرق عيناه في الظلام .
به الجمال الوحشي كله والشر الرابض كله والأذى الذي لا دافع له , ولكنه أيضا رمز الانجاز عند الأعداء ورمز التحدي لنا تحدي هذا الصاروخ .. هو نذير الموت لا مفر من مواجهته مرة أخرى بعد أن فشلت المرة الأولى في سيناء .
والقصة توضح في قصد فني رائع وفي صور مركبة – تنبع من لا وعي المدرس ومن وعيه على السواء وتعبر عن احساسه بمصر واحساسه بالعالم معا – توضح أن المجتمع القديم أعجز من أن يواجه تحدي الصاروخ .
أيواجه بالطبيب الذي يكشف على حالة عبد المنعم بالروتين ؟ أم بالبك المأمور الذي يسمع شكوى المدرس مصطفى أبو القاسم في خليط من الاشفاق والزراية ؟ أم بالمسؤول الكبير الذي يأمر بأن يحضر الفلاح عبد المنعم " اليهم " في غد ليحول الى المستشفى فيهرع اليه تابعه ومعه قلم حبر جاف ويسجل أمرا لا رصيد له .
اذا أردنا أن يعود للفلاح عبد المنعم أبو العطا سمعه ونطقه فعلينا أن نغير الرجال والأعمال والمنشآت وأن تكون لنا الارادة وأن نتسلح بالصدق , قصة جمال الغيطاني أدخلت البهجة الى فؤادي هذا هو الأدب الثوري الحق الذي نبع من النكبة مباشرة .
أدب واع متزن ما بالقصة من حزن يكفي كي يخلق محيطا : ولكن القصة – كالجوهرة النادرة – تختزنه كله في محيطها الصغير وتتألق به وتضيء كالماسة السوداء .
حزن دفين متكبر لا يبكي لأنه لا فائدة من البكاء ولأنه يعرف طريقا آخر أجدى من البكاء .
والى جوار هذا الحزن حب دافق لأرض هذا البلد وناس هذا البلد يتمثل في الاشارات الكثيرة الدقيقة التي تبدو عابرة لأحوال البسطاء وعاداتهم ورغباتهم وأفكارهم وكلها تبدي النقد وهي لا تدري .
يقول عم خليل الجرسون في وصف ما حدث :
" وكما تعرف يا سي مصطفى , يجيء الطيران عادة في التاسعة والنصف أو العاشرة صباحا . الظاهر أنهم يعملون بمواعيد كالموظفين " .
بيانات الرواية


الاسم : أرض أرض
تأليف : جمال الغيطانى
الناشر : الهيئة المصرية العامة للكتاب
عدد الصفحات : 160 صفحة
الحجم :  2 ميجا بايت
تحميل رواية أرض أرض

تعليقات