يقدم الروائي الألباني الأصل "إسماعيل كاداريه"، الفائز بجائزة بوكر الدولية لعام 2005، رواية "الحصار"، يسلط الأضواء فيها على الأحداث التي تعرضت لها بلاده إبان الحكم العثماني، فعالج الماضي البعيد برؤية معاصرة، فلم يستخدم السرد التاريخي لوقائع وأحداث، وإنما نظر إلى هذه الأحداث بمنظار الفحص والتحليل والتدقيق وترك للقارئ حرية استخلاص النتائج بحسب انتماءاته الأيديولوجية والاجتماعية والسياسية. تدور أحداث الرواية عن حصار الجيش العثماني لإحدى القلاع الألبانية المتخيلة وإخفاقه في الاستيلاء عليها، ففي القرن الخامس عشر تحاصر جيوش الإمبراطورية العثمانية حصناً منيعاً في ألبانيا بغية احتلاله،
مقتطفات من الرواية
اسماعيل كاداريه : الرواية والتاريخ
اسماعيل كاداريه أديب ألباني عرفه القراء العرب منذ بضعة عقود روائيا مهووسا بالتاريخ وأي تاريخ ؟
انه تاريخ بلاده ابان الحكم العثماني الذي بدأ مع بواكير القرن الرابع عشر لينتهي مع بدايات القرن العشرين وتحديدا عام 1921 عندما نالت ألبانيا استقلالها يبدو أن هناك أكثر من سبب يدفع كاداريه حتى يومنا هذا للتمحيص في تلك القرون الماضية ليقدم لقرائه

بداية لا مناص من التأكيد على أن السلطنة العثمانية التي وصلت جحافلها الى حدود النمسا أثرت تأثيرا قويا في شعوب البلدان التي فتحتها وما اعقب الفتح من اقامة مؤسسات حكومية وبناء علاقات وطيدة مع سكان تلك المناطق فخلال تلك القرون الستة اعتنق الكثيرون من السكان الدين الاسلامي بل ان الاسلام بات دين أغلبية سكان ألبانيا حتى ان كاداريه نفسه يذكر أن هذه الظاهرة عزلت ألبانيا تماما عن أوروبا لتغدو جزءا من السلطنة العثمانية لكن ألبانيا ظهرت بحسب كاداريه أيضا بعد نيل استقلالها عن السلطنة العثمانية في عزلة أشد في ظل النظام الشيوعي سوفياتيا كان توجهه أم صينيا فالعقيدة الجامدة واحدة والنظام الشمولي واحد والعزلة الخانقة عن أوروبا وبالتالي عن بقية دول العالم لا تختلف كثيرا آنذاك ان كان النظام الشيوعي الألباني سار على نهج العقيدة الستالينية أم على نهج العقيدة الماوية .
أما السبب الآخر الذي دفع كاداريه للجوء الى الماضي البعيد وهو ابن النظام المدلل – نظام أنور خوجا – فينطوي على مفارقة كبرى اذ سعى وهو الأديب المرموق والبارز في بلده والذي عينه النظام – أيضا نظام أنور خوجا عضوا في مجلس الشعب " البرلمان " الى تجسيد الكثير من أفكاره واسقاطها على الأحداث المعاصرة من خلال معالجة الماضي .
أراد كاداريه أن يوفر لنفسه الأمان وأيضا الغطاء الكافي الذي يجعله متحررا من قيود نظام أنور خوجا فعالج الماضي البعيد بمنظار الرؤية المعاصرة وسلط الضوء على أحداث بلاده الكبرى ابان الحكم العثماني ليتمكن من التعبير بكل حرية عن آرائه وافكاره من دون قيد او خوف .
اذا كان انتقاده لكثير من الظواهر التي اقترنت بحكم السلطنة العثمانية فانه بذلك ينضم الى عديد الادباء والباحثين العالقين تحت أنظمة شمولية يسارية كانت أم يمينية والذين ىثروا معالجة أحداث الحاضر بموضوعات تنهل من الماضي البعيد لتجنب الرقابة والاثارة .
هكذا أصبحت أعمال كاداريه تنطوي على نمط من أنماط النقد الموارب ضد حكومة أنور خوجا وتفر له فرصة فنية لتحليل الممارسات التي عرفت بها تلك الحكومة .
أو أي حكومة شمولية أخرى سواء في ظل نظام يميني قمعي ورجعي أو نظام شيوعي لا يريد أن يسمع العالم الا صوته الوحيد لعل الرقابة والتجهيل وتآكل المصداقية وانحسار الروح الحميمية في الحياة اليومية وتفكيك ميثولوجيا الخرافة واعادة كتابة التاريخ هي من أبرز الموضوعات التي عالجها كاداريه وان كان يؤكد في أكثر من مناسبة أنه لا يكتب تاريخا جديدا لبلاده وأنه ليس مؤرخا اذا هو روائي يمظر الى الأحداث التاريخية بمنظار آخر منظار الفحص والتدقيق والتحليل لا منظار السرد التاريخي لوقائع الأحداث كما يريدها الحاكم .
بيانات الرواية
تأليف : إسماعيل كاداريه
الترجمة : محمد درويش
الناشر : الدار العربية للعلوم
عدد الصفحات : 376 صفحة
الحجم : 5 ميجا بايت
تحميل رواية الحصار
تعليقات
إرسال تعليق