الحرية أو الموت" رواية عالمية من أروع ما قدم لنا الروائي العالمي "نيكوس كازانتزاكيس"، فهي فضلاً عن تصويرها لكفاح الشعب اليوناني في جزيرة كريت للحصول على الحرية، فإنها أبرزت جوانب إنسانية في المجتمع الكريتي بكل تناقضاته وروابطه وعاداته، كما أتاحت لنا معايشة حقبة تاريخية ازداد فيها الصراع بين الدول الكبرى، وكيف تم التوافق على المصالح وبالتالي التخلي عن هذا الشعب الصغير، لكن إصراره على مواصلة الكفاح بقيادة رشيدة متمثلة في "الكابتن ميخائيليس" جعل من "الحرية أو الموت" شعاراً يثير الحماسة في صدور الأجيال التي أعقبت موته البطولي.
مقتطفات من الرواية
الفصل الأول
أخذ الكابتن " ميخايليس " يجز على أسنانه كما هي عادته كلما استشاط به الغضب , ثم رفع أصابع يده اليمنى وكأنها مخالب , الى شاربه الأسود يعبث به , كان جديرا بلقب " الخنزير البري " الذي يعرف به في ميجالو كاسترو , فقد كان ما يتصف به من ثورات الغضب , وكانت عيناه العميقتان الداكنتان المستديرتان , وعنقه القصير الصلب وأصابعه الطويلة كالمخالب وجسده الثقيل العريض .. كل ذلك كان يشبه بحق خنزيرا بريا انتصب على ساقيه فاتحا ذراعيه للربيع . كان الكابتن مطبقا بقبضة يده على رسالة ما لبث أن دسها في ثنايا حزامه العريض بعد أن أمضى وقتا طويلا وهو يتهجى حروف كلماتها ويبذل جهدا خارقا في فهم معانيها .. إنه لن يحضر هذا العيد أيضا ( هكذا فهم ) : وهكذا فإن أمه المريضة التي تحتضر وأخته المسكينة .. لن تتاح لهما رؤيته لأنه - كما يقول – لا يزال يدرس .
بحق الشيطان .. ما هو الذي يدرسه ؟ أسيظل يدرس هكذا الى الأبد ؟ ! أم أنه لم يعد له وجه يعود به الى كريت بعد أن تزوج من يهودية ولم يتزوج من امرأة قروية من بلدنا ؟ هذا ما وصل إليه حال ولدك المفضل يا شقيقي كوستا ! آه لو كنت حيا لترى ! آه لو كنت حيا لتمسك به من كاحليه وتعلقه في دعامة خشبية ورأسه الى أسفل وكأنه غرارة حبوب ! .
وانتصب واقفا كمارد ممشوق فكادت رأسه تلمس سقف الدكان , وكانت العصابة السوداء التي يعصب بها جبينه قد ارتخت فوق ظهره فجذبها وأعاد تثبيتها حول جبهته البارزة العظام ثم اتجه نحو الباب باحثا عن نسمة هواء .
وكان الصبي القروي شاريتوس النبت البري ذو الشعر البني والعينين المرتعدتين الراعشتين والأذنين المطرقتين , متقوقعا خلف لفة من حبال السفن ونظراته تطوف بأشرعة السفن وألواح الخشب وعبوات الدهان والقار والسلاسل الثقيلة والخطاطيف الحديدية وكل ما يلزم السفن من عدد وآلات , ولكنه – من شدة خوفه – لم ير سوى " الريس " الذي كان يقف على عتبة الدكان وقد ملأ كل فراغ الباب وهو يحدق صوب الميناء , كان الكابتن مخايليس عمه , .. ولكنه لم يكن يناديه إلا بكلمة " الريس ".. وكان يرتعد بمحضره .
وقف الكابتن يغمغم في غضب : " كأنما لا يكفيني ما لقيت اليوم من منغصات ما الذي يريده هذا الكلب حين يطلب مني أن أتوجه الى منزله التعس هذا المساء , ويجيء ابن أخي أيضا ليزيد طين المنغصات بلة ! سوف تطلب مني أمه أن أكتب إليه .. ولقد سبق أن فعلت ذلك , ولكنه لم يكلف نفسه عناء الحضور ! " .
ثم التفت الى اليسار نحو الميناء شاخصا ببصره تجاه البواخر والسفن والبحر , وكانت الأصوات تتناهى من حاجز الأمواج مختلطة بأصوات الباعة والبحارة , بينما كان الحمالون المنتشرون بين براميل الزيت والنبيذ وأكوام المخلفات يصيحون ويلعنون أثناء
بيانات الرواية
الاسم : الحرية أو الموت
تأليف : نيكوس كازانتزاكيس
الترجمة : رجب عكاوى
الناشر : دار الهلال
عدد الصفحات : 564 صفحة
الحجم : 15 ميجا بايت
تحميل رواية الحرية أو الموت
مقتطفات من الرواية
أخذ الكابتن " ميخايليس " يجز على أسنانه كما هي عادته كلما استشاط به الغضب , ثم رفع أصابع يده اليمنى وكأنها مخالب , الى شاربه الأسود يعبث به , كان جديرا بلقب " الخنزير البري " الذي يعرف به في ميجالو كاسترو , فقد كان ما يتصف به من ثورات الغضب , وكانت عيناه العميقتان الداكنتان المستديرتان , وعنقه القصير الصلب وأصابعه الطويلة كالمخالب وجسده الثقيل العريض .. كل ذلك كان يشبه بحق خنزيرا بريا انتصب على ساقيه فاتحا ذراعيه للربيع . كان الكابتن مطبقا بقبضة يده على رسالة ما لبث أن دسها في ثنايا حزامه العريض بعد أن أمضى وقتا طويلا وهو يتهجى حروف كلماتها ويبذل جهدا خارقا في فهم معانيها .. إنه لن يحضر هذا العيد أيضا ( هكذا فهم ) : وهكذا فإن أمه المريضة التي تحتضر وأخته المسكينة .. لن تتاح لهما رؤيته لأنه - كما يقول – لا يزال يدرس .
بحق الشيطان .. ما هو الذي يدرسه ؟ أسيظل يدرس هكذا الى الأبد ؟ ! أم أنه لم يعد له وجه يعود به الى كريت بعد أن تزوج من يهودية ولم يتزوج من امرأة قروية من بلدنا ؟ هذا ما وصل إليه حال ولدك المفضل يا شقيقي كوستا ! آه لو كنت حيا لترى ! آه لو كنت حيا لتمسك به من كاحليه وتعلقه في دعامة خشبية ورأسه الى أسفل وكأنه غرارة حبوب ! .
وانتصب واقفا كمارد ممشوق فكادت رأسه تلمس سقف الدكان , وكانت العصابة السوداء التي يعصب بها جبينه قد ارتخت فوق ظهره فجذبها وأعاد تثبيتها حول جبهته البارزة العظام ثم اتجه نحو الباب باحثا عن نسمة هواء .
وكان الصبي القروي شاريتوس النبت البري ذو الشعر البني والعينين المرتعدتين الراعشتين والأذنين المطرقتين , متقوقعا خلف لفة من حبال السفن ونظراته تطوف بأشرعة السفن وألواح الخشب وعبوات الدهان والقار والسلاسل الثقيلة والخطاطيف الحديدية وكل ما يلزم السفن من عدد وآلات , ولكنه – من شدة خوفه – لم ير سوى " الريس " الذي كان يقف على عتبة الدكان وقد ملأ كل فراغ الباب وهو يحدق صوب الميناء , كان الكابتن مخايليس عمه , .. ولكنه لم يكن يناديه إلا بكلمة " الريس ".. وكان يرتعد بمحضره .
وقف الكابتن يغمغم في غضب : " كأنما لا يكفيني ما لقيت اليوم من منغصات ما الذي يريده هذا الكلب حين يطلب مني أن أتوجه الى منزله التعس هذا المساء , ويجيء ابن أخي أيضا ليزيد طين المنغصات بلة ! سوف تطلب مني أمه أن أكتب إليه .. ولقد سبق أن فعلت ذلك , ولكنه لم يكلف نفسه عناء الحضور ! " .
ثم التفت الى اليسار نحو الميناء شاخصا ببصره تجاه البواخر والسفن والبحر , وكانت الأصوات تتناهى من حاجز الأمواج مختلطة بأصوات الباعة والبحارة , بينما كان الحمالون المنتشرون بين براميل الزيت والنبيذ وأكوام المخلفات يصيحون ويلعنون أثناء
بيانات الرواية
تأليف : نيكوس كازانتزاكيس
الترجمة : رجب عكاوى
الناشر : دار الهلال
عدد الصفحات : 564 صفحة
الحجم : 15 ميجا بايت
تحميل رواية الحرية أو الموت
تعليقات
إرسال تعليق