هذا الكتاب يضم مجموعة من القصص الواقعية التى تنقل معاناة الانسان وضعفه .. وحيرته الابدية فى البحث عن سعادته ومغالبة أقداره
مقتطفات من الرواية
مقدمةعيد الميلاد

أبي في الشقة يتهامسان كعادتهما حين يتشاوران في أمور الحياة , ثم خرج الي أبي وأنا جالس في الصالة اتفرج على التليفزيون وسألني هل مازلت راغبا في الالتحاق بهذه الكلية ؟ ورأيت حيرته فأشفقت عليه وقلت له لا يا أبي لا أريدها ولا أريد أن أبتعد عنكم .. فابتسم ابتسامة حزينة وقال لي وكأنه يخاطب نفسه : لا بل أنت تريدها لكنك ولد طيب ولا تريد أن تؤلمني لكن الحق معك .. اذ لا بد أن نتعود على الفراق من الآن لأن الدنيا لا تدوم على حال واحد ثم قبلني وأعلن لي موافقته على الالتحاق بهذه الكلية , وبعد أيام كنا نقدم أوراقي في مكتب التنسيق وقبلت أوراقي في الكلية واقترب موعد الدراسة , وجاء يوم السفر فاستيقظنا جميعا من الفجر وركبنا القطار الذي يغادر بلدتنا " في عتمة " الفجر , وصلنا الى الاسكندرية فأقمنا في فندق صغير , ونزلت مع أبي نطوف شوارع المدينة القريبة من كليتي عثر على سكن مناسب لي في شقة قديمة مفروشة من غرفتين تؤجر للطلبة بايجار معقول في الشتاء بشرط اخلائها قبل الصيف لتؤجر خلاله بايجار مضاعف عدة مرات .
وانتقلت أسرتي من الفندق لتقيم معي في الشقة الأيام الأولى من الدراسة وراحت أمي تصنع لي طعاما يكفيني أسبوعين وتنظم لي حياتي وترشدني الى كيفية تدبير حياتي وحدي ثم سافر أبي وأمي وشقيقي بعد أن اطمأنوا علي وتعرفوا على جيراني في نفس الدور .
وأوصوهم بي خيرا وكان جيراني الملاصقون لي أسرة طيبة لموظف في الميناء في الأربعين من عمره يعيش مع زوجته الاخصائية الاجتماعية وحدهما ولم ينجبا وكانا يتجنبان التعرف على سكان هذه الشقة من الطلبة قبلي لكنهما توسما في أسرتي الطيبة فرحبا بمعرفتهما وخاصة أمي بالذات التي كسبت ودهما سريعا ووعداها برعايتي وتبادلا مع أبي أرقام التليفون .
ولا أنسى منظر أبي وهو الرجل الوقور الذي طالما رأيته يزار في المحكمة .
وهو يقول لجاري على السلم مودعا والدموع في عينيه : أستودعتك الله ,, وأستودعتك ابني وابنك ثم يشد على يديه بانفعال ويعانقه ويعانقني أمامه ويمضي بغير أن ينظر وراءه , أما أمي فكانت لدهشتي أكثر تماسكا فقبلتني وابتسامتها لا تفارقها وعانقت زوجة جاري وقبلتها وحيتهما وانصرفت .
بيانات الرواية
تأليف : عبد الوهاب مطاوع
الناشر : دار الشروق
عدد الصفحات : 269 صفحة
الحجم : 3 ميجا بايت
تعليقات
إرسال تعليق