الرواية رائعة، وشديدة الشاعرية، وبمستوى الفيلم المأخوذ عنها من إخراج يوسف شاهين، نادرا ما أعجب بالعمل الأدبى والعمل السينمائى بدرجة واحدة
مقتطفات من الرواية
مقدمة
كانت العربة وهي تهز حملها من الأنقاض تتأرجح على طول الطريق الزراعي وكانت " أم حسن " جالسة الى جوار السائق الذي همهم قائلا :
سأتركك وأنصرف في الحال .
كما تشاء
كانت " أم حسن " وهي تعلق عينيها بالأفق تنتظر أن تلوح لها قريتها مع الفجر في لحظة واحدة , لقد حاول الرجل مرات عديدة أن يثنيها عن القيام بهذه الرحلة :
أنت في القاهرة آمنة مطمئنة فلماذا تذهبين هناك ؟ ان الكوليرا في الأرياف قد صالت وجالت وان ما ستشاهدينه لن يكون مثار بهجة بالنسبة لك .
ي
جب أن أذهب , كانت في الليلة السابقة قد شرحت أمر رحيلها لحفيدها " حسن " الذي تركته لأول مرة .
انهم أهلي يا صغيرتي وأنا في حاجة لرؤيتهم وكان من المفروض أن أقوم بهذه الرحلة منذ فترة طويلة ولكنها كانت مستحيلة قبل الآن فقد كان رجال الشرطة في كل مكان أما الآن فمن الممكن أن أمر بحرية سأتغيب يوما فقط يجب أن أذهب هل تفهم ؟
وأومأ الطفل برأسه " بالايجاب " كان يفهم حقا فقد كان يكفي لذلك أن تحدثه بطريقة معينة , وأن يشعر بان من يتحدث اليه في حاجة لأن يكون مفهوما وتنهدت وهي تفكر في الطفل :
" يا ابن ابنتي المتوفاة , يا ابن روحي "
وسألها الرجل :
كم عاما مضت لم تعودي خلالها الى " بروات " ؟
سبعة أعوام وليس هذا بالشيء الكثير ان هذه السنوات الثلاث الأخيرة هي المهمة .
كان الليل يتبدد وتعرفت المرأة قريتها عند نهاية المنعطف .
سأفر هاربا .
قالها الرجل بمجرد أن وطئت قدمها الأرض .
كانت " أم حسن " وهي تولي وجهها شطر " بروات " تسمع ضوضاء العجلات خلفها وهي تنمحي وتزول .
وكانت المنازل تخت وطأة أعواد القصب والأغصان لا تكاد تبرز من الأرض .
وتقدمت بضع خطوات مقتربة من الأبواب المفتوحة وكانت المنازل معتمة كئيبة خالية من السكان مليئة بأشياء كثيرة متكدسة وخشية ألا ياتيها أي صوت بالجواب لم تجرؤ " ام حسن " على النداء وفي الحال عادت العجوز فمثلت وسط الحارة , كان ثمة عائق منيع يمنعها من التقدم فانهارت على الأرض وأخذت بين يديها قليلا من ترابها ألصقت به خدها ودست فيه شفتيها .
واذا بشخص يوجه اليها الحديث مستفسرا :
ماذا جئت تصنعين عندنا يا أم حسن ؟
فانتصبت بكل قامتها وتوجهت بخطى وئيدة نحو ابن اختها القابع بالقرب من الحوض وعندما دنت منه وضعت يدها بارتياح فوق كتفه .
فاستطرد " صالح " قائلا بلهجة تنم عن العناد :
بوسعك أن تعودي من حيث أتيت , لقد وصلت بعد فوات الأوان .
بعد فوات الأوان ؟
لم يعد هنا لاستقبالك سوى الأموات .
كان الفجر يصبغ القرية بلونه الرمادي وكانت سحابات من البعوض تتداخل فوق الحوض المغطى بطبقة اسفنجية تميل الى الصفار وبعض الغربان تحلق على ارتفاع منخفض كأن المرء يسمع حفيف أجنحتها .
لقد غادرت القاهرة في المساء واستغرقت رحلتي طوال الليل , ان الكوليرا لا تهم أهل المدن في شيء , انها تهمنا نخن فقط .
كنت أريد أن آتي منذ مدة طويلة , منذ سنوات وأنت لم تعودي هنا
شطر من قلبي بقي معكم .
بيانات الرواية
الاسم : اليوم السادس
تأليف : اندرية شديد
الترجمة : حمادة إبراهيم
الناشر : المجلث الاعلى للثقافة
عدد الصفحات :210 صفحة
الحجم : 2 ميجا بايت
تحميل رواية اليوم السادس
مقتطفات من الرواية
مقدمة
كانت العربة وهي تهز حملها من الأنقاض تتأرجح على طول الطريق الزراعي وكانت " أم حسن " جالسة الى جوار السائق الذي همهم قائلا :
سأتركك وأنصرف في الحال .
كما تشاء
أنت في القاهرة آمنة مطمئنة فلماذا تذهبين هناك ؟ ان الكوليرا في الأرياف قد صالت وجالت وان ما ستشاهدينه لن يكون مثار بهجة بالنسبة لك .
ي

انهم أهلي يا صغيرتي وأنا في حاجة لرؤيتهم وكان من المفروض أن أقوم بهذه الرحلة منذ فترة طويلة ولكنها كانت مستحيلة قبل الآن فقد كان رجال الشرطة في كل مكان أما الآن فمن الممكن أن أمر بحرية سأتغيب يوما فقط يجب أن أذهب هل تفهم ؟
وأومأ الطفل برأسه " بالايجاب " كان يفهم حقا فقد كان يكفي لذلك أن تحدثه بطريقة معينة , وأن يشعر بان من يتحدث اليه في حاجة لأن يكون مفهوما وتنهدت وهي تفكر في الطفل :
" يا ابن ابنتي المتوفاة , يا ابن روحي "
وسألها الرجل :
كم عاما مضت لم تعودي خلالها الى " بروات " ؟
سبعة أعوام وليس هذا بالشيء الكثير ان هذه السنوات الثلاث الأخيرة هي المهمة .
كان الليل يتبدد وتعرفت المرأة قريتها عند نهاية المنعطف .
سأفر هاربا .
قالها الرجل بمجرد أن وطئت قدمها الأرض .
كانت " أم حسن " وهي تولي وجهها شطر " بروات " تسمع ضوضاء العجلات خلفها وهي تنمحي وتزول .
وكانت المنازل تخت وطأة أعواد القصب والأغصان لا تكاد تبرز من الأرض .
وتقدمت بضع خطوات مقتربة من الأبواب المفتوحة وكانت المنازل معتمة كئيبة خالية من السكان مليئة بأشياء كثيرة متكدسة وخشية ألا ياتيها أي صوت بالجواب لم تجرؤ " ام حسن " على النداء وفي الحال عادت العجوز فمثلت وسط الحارة , كان ثمة عائق منيع يمنعها من التقدم فانهارت على الأرض وأخذت بين يديها قليلا من ترابها ألصقت به خدها ودست فيه شفتيها .
واذا بشخص يوجه اليها الحديث مستفسرا :
ماذا جئت تصنعين عندنا يا أم حسن ؟
فانتصبت بكل قامتها وتوجهت بخطى وئيدة نحو ابن اختها القابع بالقرب من الحوض وعندما دنت منه وضعت يدها بارتياح فوق كتفه .
فاستطرد " صالح " قائلا بلهجة تنم عن العناد :
بوسعك أن تعودي من حيث أتيت , لقد وصلت بعد فوات الأوان .
بعد فوات الأوان ؟
لم يعد هنا لاستقبالك سوى الأموات .
كان الفجر يصبغ القرية بلونه الرمادي وكانت سحابات من البعوض تتداخل فوق الحوض المغطى بطبقة اسفنجية تميل الى الصفار وبعض الغربان تحلق على ارتفاع منخفض كأن المرء يسمع حفيف أجنحتها .
لقد غادرت القاهرة في المساء واستغرقت رحلتي طوال الليل , ان الكوليرا لا تهم أهل المدن في شيء , انها تهمنا نخن فقط .
كنت أريد أن آتي منذ مدة طويلة , منذ سنوات وأنت لم تعودي هنا
شطر من قلبي بقي معكم .
الاسم : اليوم السادس
تأليف : اندرية شديد
الترجمة : حمادة إبراهيم
الناشر : المجلث الاعلى للثقافة
عدد الصفحات :210 صفحة
الحجم : 2 ميجا بايت
تحميل رواية اليوم السادس
تعليقات
إرسال تعليق