زمن الحب الآخر لــ غادة السمان

و "زمن الحب الآخر" يضم قصة طويلة "الحياة بدأت للتو" ، ومسرحية من فصل واحد "الطوفان"
و مجموعة قصص قصيرة "ذبابتان ، بحثاً عن سهول القمر ، آخر قصة غير بيضاء ، ليل الغرباء ، الديك "
وقد صدر من هذه السلسلة حتى الآن : حقيبة سفر ، السباحة في بحيرة الشيطان ، ختم الذاكرة بالشمع الأحمر ، اعتقال لحظة هاربة ، مواطنة متلبسة بالقراءة ، الرغيف ينبض كالقلب ، ع غ تتفرس ، صفارة إنذار داخل رأسي ، كتابات غير ملتزمة ، الحب من الوريد إلى الوريد ، القبيلة تستجوب القتيلة
مقتطفات من الرواية
مقدمة


الحياة بدأت للتو
لماذا أنا هنا ؟ كيف وصلت الى هنا ؟ من أنا بالضبط ؟
لا أذكر الكثير , لا أريد أن أتذكر المزيد , لولا تلك الذئبة الصغيرة المدللة السجينة في قفصها الذهبي القضبان , لولا عواؤها لأمعنت في النسيان حتى اسمي نسيته وتستطيع أن تخاطبني بأي اسم تشاؤه .
سمني حواء أو جانين أو زيزفونه أو عنبره أو عائشة أو سنجابة أو أقحوانه أو غيمة أو كوخ أو مقبرة أو قسرة ... الأمر سواء لدي .. لولا تلك الذئبة الصغيرة في القفص الذهبي لما تذكرت أن اسمي هو بالتأكيد : عيوش .
زمن الحب الآخر لــ غادة السمان وأستطيع أن أسمع عواءها بوضوح , بالرغم من ضجيج موسيقى الميكروفونات الستة المبثوثة في الحديقة , وبالرغم من عشرات المحادثات الذكية والغبية التي تدور في الحفل وبالرغم من الهمسات التي تلتقطها أذناي كصرخات " اذا أردت أن تخيفني لا تصرخ بي , أهمس , وسأقفز هلعا " ... وبالرغم من ضجيج الكؤوس والملاعق والصحون والتجشوء وقرقرة البطون وصوت الأمواج القادمة من البحر والتي لا يعلو عليها صوت في أذني " غير صوت استغاثة الذئبة في القفص الذهبي " والصوت الغامض للحديقة الكثيفة الأشجار كغابة مدارية , ذلك الصوت القادم من الأغصان والطيور والحشرات ومن أطباقة أوراق الاجمات الكثة وتنفس الزهور وركض النسغ وامتصاص الأرض للماء وترحيب قشرة الشجرة بسقوط الندى , هذا أيضا أستطيع أن أسمعه ... من أنا ؟ لماذا أنا هنا ؟
كيف وصلت الى هنا بالضبط ؟
أية أصوت غامضة تشق طريقها عبر صدري كالمخالب , وتحاول ارغامي على الانصات اليها , وتفتح في صدري ثقوب أحاول عبثا سدها بأصابع رجال يتقنون ألعاب خفة اليد والحواة والمقامرة ... وصوت الذئبة ... اسمع صوتها بوضوح كما لو كان قادما من صدري .. كما لو كان صدى لصرخة متقنة الاخفاء في ركن مهجور من نفسي .
يصرخ بي جاك محاولا أن يعلو صوته على السيمفونية الليلية للحفلة الساهرة في ضاحية بلدة " حمامات " بتونس : أنت شرقية ساحرة قادمة من خيام ألف ليلة ولية ...
أجيبه بالعربية الت لا يفهمها طبعا : أنت " ذكر " أحمق قادم من " مونتمارتر " بباريس حاملا أفكاره الثابتة عني وعن شعبي ... يقول بالفرنسية : أنت جارية ساحرة ... أنت " عاهرة " تاريخية ساحرة ...
أقول بالعربية : وأنت جميل الجسد فارغ الروح .. هذا هو " العهر " وهو أيضا وصف يمكن أن ينطبق على الرجال لا النساء وحدهن ... يقول بالفرنسية : أنت شرقية لعوب ... لماذا تحاوريني بلغة لا أفهمها .
اقول بالعربية : لست شرقية بالمعنى " السياحي " الذي تتوهمه أيها الأحمق ... ولو تحدثت بالفرنسية لوقع سوء التفاهم نفسه . المأساة " فكرية " لا " لغوية " انها في " المضمون " لا في " القالب " .
يقول بالفرنسية وقد بدا وكأن اللعبة تروق له : أحب رأسك الجميل ....
أقول بالعربية : رأسي ليس مجرد ديكور صحراوي محرض للغرائز ... لو عرفت ما يدور فيه لهربت مني ...
يقول بالفرنسية : أحب نساء ألف ليلة وليلة اللواتي خلقن للحب مثلك ! ... زوجتي بباريس مديرة شركة تعمل وتفكر , كم أكره ذلك .
أقول بالعربية : أكثر الرجال البورجوازيين يكرهون ذلك , انه ضد نظامهم القائم .




بيانات الرواية
الاسم : زمن الحب الآخر
تأليف : غادة السمان
الناشر :منشورات غادة السمان
عدد الصفحات : 156 صفحة
الحجم : 3 ميجا بايت
تحميل رواية زمن الحب الآخر

تعليقات