ختم الذاكرة بالشمع الأحمر لــ غادة السمان

- أدبها لا يجيء إلا من القلب. تكتب كما تحب او كما تتنفس. وفي هذا الزمن الجاف نستغرب ان غادة السمان لم تتوقف عن الكتابة..
انها بنت قلب لا يتناهى، يخفق ولكل خفقة اعتقال لحظة هاربة بالحبر والورق.
عبده وازن
- كاتبة لا تحمل جواز مرور الى بعض البلاد والى بعض الناس. ولكن هذه البلاد وهؤلاء الناس يقرأونها داخل كتب المذاكرة، وفي مقعد الطائرة، وفي الغرف المغلقة. ويخفونها في دواليب الملابس، وفي ادراج المكاتب..
مقتطفات من الرواية
مقدمة
كتاب على دمعة :
غرقت نظراته الخبيرة في عيني وبعد طول تأمل قال لي " أريد منك اجراء تحليل لدموعك " كانت أول مرة أسمع فيها عن تحليل الدموع .
في الطريق نحو المختبر كنت خائفة , ماذا سيكشف لهم تحليل دموعي ؟
بل وكيف سيحصلون على الدمع مني ؟
ختم الذاكرة بالشمع الأحمر لــ غادة السمان ولكن لم لا ؟ انها فرصة رائعة للبكاء بعد طول احتباس لمطر سأنتهز الفرصة وسأبكي طويلا ... وحتى حينما يأتي الممرض ويقول لي أن الأنبوب الذي ملأته بالدمع طاف فلن أرد عليه وسأملأ له ابريقا .
من الدمع .... وجاؤوا بقطعة قطن وحكوا بها جفني فانهمر الدمع نقطة واحدة كانت تكفيهم ولكنها لم تكن تكفيني ... !
وحين غادرت المختبر فرحت لأنها كانت ولم يكن في وسعي أن أوقف مطر الدمع في حنجرتي المالحة كمغارة محشوة بالشوك .... , قال لي الرجل : " تعالي بعد أيام من أجل نتيجة التحليل " وعشت أياما شبه قلقة .. ترى هل سيقؤون في دموعي تاريخي كله ؟ تاريخ أحزاني كلها ؟ هل سيقرؤون أيضا أسماء ... وتواريخ ... ؟ وهل ستتراءى للمحلل وجوه ووجوه , وجوه أمسكت بها , ووجوه راحت مني في زحام ذلك الزمن الهارب ؟


هل سيقرأ في دموعي حكايتي ؟ وهل سيرتجف جسده ضحكا مني , من غباء أسميته " حبا " وانهيارات أسميتها تجارب ؟! ترى هل ينبت الذين نحبهم داخل دموعنا وهل يسبحون غي بحرها المالح كما الأسماك تسبح ؟ ترى هل تسجل دموعنا زلزال أعماقنا وفواجعنا بحيث تبقى دوائرها مرتسمة , هادئة حينا وصاخبة حينا وهل .... وهل ..؟
في اليوم الموعود ذهبت لاحضار نتيجة التحليل , تخيلت أنه سيدفع الي بعدة مجلدات فيها حكايات عمري التي لا يعرفها أحد غير دمعي ...!
وفوجئت بصفحة بيضاء وعبارة واحد تتوسطها : " الدمع خالي من كل شيء " !!!!
لم تذكر الورقة أي شيء غير حساس لأحد المركبات الكيميائية ... أما بقية " حساسيات عمري " فلم تلحظها .
ما أشد قصور العلم أمام قطرة دمع انساني واحدة هي بحر من الأسرار ! لا , لم تذكر أية أسماء .. أية حكايا ..أي توق أي جنون لم تذكر أية تواريخ .
حتى ولا تواريخ كهذه : 4 -5 -2004
" التاريخ الأخير عدل من قلبي ....."
سأحبك ريثما تطلق الحياة سراحي :
ليست هنالك قصة حب يمكن أن تدوم أكثر من أسبوع ربما ..لكن .. أسابيع وأسابيع وعمري أضحى حينما تغيب غرفة انتظار في مطار مهجور يختبئ الصمت الباكي خلف مقاعدها وأحجارها ونوافذها وحين تجئ يصير العمر بيدر فرح ليلة حصاد ... لماذا أنتظرك منذ عرفتك ؟ بلهفة محكوم بالاعدام عصبت عيناه ولم يبق له ما يحلم به غير لحظة سقوط المقصلة في ذاكرته ؟
ليست هنالك قصة حب يمكن أن تدوم أكثر من أسبوع ماذا نسمي ما يدور ؟ ....
وذلك الجرح الذي بدأ ينزف بصمت وسرية كما تنزف جدران الأقبية غير المكتشفة ؟ ... وهمساتنا المسروقة التي نرمي بها للصمت ترى أين أنت الآن ؟
أعني كيف يمكن أن تكون في مكان آخر وأنت تقطنني هكذا وتكونني ؟ أفتقدتك ؟ لا
أكذب اذا قلت لك انني افتقدتك .
بيانات الرواية




الاسم : ختم الذاكرة بالشمع الأحمر
تأليف : غادة السمان  
الناشر : منشورات غادة السمان
عدد الصفحات : 27 صفحة
الحجم : 1 ميجا بايت
تحميل رواية ختم الذاكرة بالشمع الأحمر

تعليقات