ثلاثية غرناطة لــ رضوى عاشور

ثلاثية غرناطة هي ثلاثية روائية تتكون من ثلاث روايات للكاتبة المصرية رضوى عاشور و هم على التوالي : غرناطة - مريمة - الرحيل.
و تدور الأحداث في مملكة غرناطة بعد سقوط جميع الممالك الإسلامية في الأندلس، و تبدأ أحداث الثلاثية في عام 1491 و هو العام الذي سقطت فيه غرناطة بإعلان المعاهدة التي تنازل بمقتضاها أبو عبد الله محمد الصغير آخر ملوك غرناطة عن ملكه لملكي قشتالة و أراجون و تنتهى بمخالفة آخر أبطالها الأحياء على لقرار ترحيل المسلمين حينما يكتشف أن الموت في الرحيل عن الأندلس و ليس في البقاء
مقتطفات من الرواية


مقدمة
ذلك اليوم رأى أبو جعفر امرأة تنحدر في اتجاهه من أعلى الشارع كأنها تقصده اقتربت المرأة أكثر فأيقن أنها لم تكن ماجنة ولا مخمورة كانت صبية بالغة الحسن ميادة القد ثدياها كأحقاق العاج وشعرها الأسود مرسل يغطي كتفيها وعيناها الواسعتان يزيدهما الحزن اتساعا في وجه شديد الشحوب .
ولما كان الشارع مهجورا والحوانيت لم تزل مغلقة وضوء النهار لم يبدد بنفسج السحر بعد فقد بدا لأبي جعفر أن ما شاهده رؤيا من رؤى الخيال حدق وتحقق ثم غالب دهشته وقام الى المرأة وخلع ملفه الصوفي وأحاط به جسدها وسألها عن اسمها ودارها فلم يبد أنها رأته أو سمعته .
ثلاثية غرناطة تركها تواصل طريقها وظل يتابع مشيتها الوئيدة وحركة خلخاليها الذهبيين حول كاحلين لوثتهما وحول طريق تخوض فيه قدماها الحافيتان .
ورغم البرد القارس وصفير رياح تعصف بأشجار الجوز المغروسة على جانبي الطريق بقي أبو جعفر واقفا بباب حانوته حتى أرسلت الشمس خيوطا صفراء واهية حددت معالم الشارع .
في الحانوت تبادل مع نعيم كلمات معدودة ثم انتحى ركنا وجلس صامتا لم يفت الصبي وجوم معلمه فاستبدل بصخبه المعتاد حركات وجلة محكومة وراح يعمل بين رغبة في اتقان عمله ارضاء له وقلق عليه يشتته ويدفعه الى اختلاس النظر اليه بين لحظة وأخرى .
ما اسمك يا ولد ؟
كان الرجل مديد الطول مهيب الهيئة لا يختلف مظهره عن أولئك الكبار الذين يفزعونه فما ان يستوقفه واحد منهم حتى يقفز مبتعدا كأرنب بري نفور .
رفع عينيه متسلقا الجسد العالي حتى وصل الى عينيه كانتا زرقاوين وديعتين لم يركض تمتم .
نعم
وأين أهلك يا نعيم ؟
رحلوا أو ماتوا ... لا أدري .
مد أبو جعفر يده وأطبقت كفه الكبيرة على يد الصغير الذي تبعه بفتح ساقيه على اتساعهما ليواكب خطوته .
أطعمه أبو جعفر وآواه وعلمه أسرار الحرفة دربه على دباغة جلد الماعز وصباغته واعداده وعلمه ترتيب أوراق المخطوط ولصق الغلاف سمح له بالقيام بكافة المهام باستثناء مهمتين كان يفضل أن يقوم بهما بنفسه ويطلب منه متابعته لكي يتعلم : يلضم الخيط في المخرز وبدقة وبطء يمرر المخرز والخيط في كعب المخطوط مرة ثانية وثالثة ورابعة ذهابا وايابا حتى يحكم خياطته ثم يترك له لصق الكعب في الغلاف ووضع الكتاب في المكبس وبعد أيام عندما يخرج الكتاب من المكبس يقوم أبو جعفر بكتابة العنوان واسم المؤلف واسم المالك بماء الذهب أو بغيره حسب الطلب ثم يزين الغلاف ويزخرفه .
يتحرق أن يسمح له معلمه أن يقوم بذلك ويلح فيناوله ورقة وهو يبتسم .
هاك ورقة اكتب عليها الفاتحة .
فيشعر أنه وقع في شر أعماله لأن خطه كان يتعرج صعودا وهبوطا كالسكة الجبلية .
بيانات الرواية


الاسم : ثلاثية غرناطة
تأليف : رضوى عاشور 
الناشر : دار الشروق
عدد الصفحات : 504 صفحة
الحجم : 13 ميجا بايت
تحميل رواية ثلاثية غرناطة

تعليقات