من النادر في الروايات أن نقرأ عن السجن, كمؤسسة عقاب, وفضح وقائع ما يجري داخلها على نحو مأساوي, كما في هذه السرنامة. المؤلف لا يكتفي بتحليل الانعكاس المرضي للسجن, والصراعات الداخلية فيه, ومناخات الانحراف والشذوذ والجريمة داخل الأفراد. إنه يشرح, كما في مختبر, مجتمعاً مهيأ للإدانة وضرورة العقاب, ومؤسسات حكومية معادية للحرية وحقوق الإنسان. الأعمق في سرنامة عزيز نسين, ذلك الإحساس بكراهية السجن كمؤسسة عقاب, ولا جدوى هذه المؤسسة الفاسدة, المعادية للجوهر الإنساني بما هي خالقة ومؤصلة للفساد والشذوذ والجريمة داخلها.
مقتطفات من الرواية
لأن أسلافنا في هذا العالم يحملون على عاتقهم دينا انسانيا هو أن يحكوا ويكتبوا عما رأوه وسمعوه وتعلموه وعرفوه وشاهدوه لمن سيأتي بعدهم وهؤلاء لمن بعدهم ... بينما كنت وحدي في احد بيوت زقاق " صونار " في حي " أروان " التابع لناحية " كمر " في منطقة " البرهانية " ولكي أسدد ديني الانساني وفي الساعة الثالثة من بعد منتصف الليلة التي تربط 13 شباط بالرابع عشر منه عام 1973 وبينما كان سواد الليل يتحول الى زرقة النهار بدأت كتابة هذه السرنامة أتمنى أن أنهي عملي في أقصر وقت ممكن لكي أكتب أكثر ... أكثر عن الزوجة والخليلة الصديق والرفيق وحتى العدو أيضا متحدثين عن يومنا .

ثمة بيت شعر قاله " نفتي " :
هناك طحال ورئة وأمعاء وكلية ومخ ولكن لا تنسى أن الضمير لا يساوي شيئا
معلومكم أن السرنامة تطلق على كتاب يحكي تفصيلا عن الاحتفالات الفنية والمراسم الملونة والحفلات الضخمة والعروض الخارقة التي تقام في مناسبات الأفراح مثل الزواج والعرس والختان ويشارك فيها الناس وتستمر عدة أيام في عهد العثمانيين .
أي أن السرنامة هي باختصار : كتاب الفرح ويفهم بسهولة أيضا أن هذه الافراح ليست أفراح الذين لم يستطيعوا دفع " المأكل " لأهل العروس فخطفوها ولهذا زجوا في السجن بل هي أفراح السلاطين وأولياء العهد .
في عصر الجمهورية هنالك احتفالات من العظمة والفخفخة بحيث تغدو احتفالات العصر العثماني بجانبها وتستمر أربعين يوما وأربعين ليلة وهنالك افتتاحيات يقدم فيها الويسكي والمشروبات ومراسم لم يسمع بمثلها واحتفالات لم ير نظير لها وخطوبات بلغت الذروة في التباهي وأعراس فيها من المتع ما يضاهي عروض " حسين يايقرة " وألف احتفال ولكن مع الأسف لم يكتب حتى اليوم سرنامة جمهورية .
هذا يعني أن كتابة سرنامة في عصر الجمهورية من نصيب العبد الفقير لله ويا لسعادتي !
معروف أن لكل انسان غدا وأمسا وطرفا واتجاها .
واذا كان ليس ثمة انسان دون طرف واتجاه فقد عملنا عند كتابة هذه السرنامة ما بوسعنا لكي لا نميل الى طرف ولو أننا لسنا محايدين ولكننا عملنا لنكون موضوعيين وبذلنا جهدا كبيرا وأبدينا عناية فائقة لكي لا نحيد عن الصواب .
بيانات الرواية
تأليف : عزيز نيسين
الترجمة : عبد القادر عبد اللي
الناشر : دار ورد للطباعة والنشر والتوزيع
عدد الصفحات : 216 صفحة
الحجم : 5 ميجا بايت
تعليقات
إرسال تعليق