هي رواية أخرى لبهاء طاهر تلعب على ثيمة علاقة المثقف بالسلطة والسياسة، وعلاقة الشرق والغرب.
تدور أحداث الرواية في بداية الثمانينات وبالأحرى زمن إجتياح إسرائيل لبيروت ومذابح صابرا وشاتيلا وعجز العرب وفي نفس الوقت تحيز الغرب لإسرائيل وممارساتها القمعية الفظيعة.
مقتطفات من الرواية
مؤتمر كغيره
اشتهيتها اشتهاء عاجزا كخوف الدنس بالمحارم .
كانت صغيرة وجميلة وكنت عجوزا وأبا ومطلقا ولم يطرأ على بالي الحب ولم أفعل شيئا لأعبر عن اشتهائي .
لكنها قالت لي فيما بعد : كان يطل من عينيك .

ولما التقينا بالمصادفة في تلك المدينة "ن" التي قيدني فيها العمل , صرنا صديقين قيدني العمل ... أي كذب ! لم أكن أعمل شيئا في الحقيقة كنت مراسلا لصحيفة في القاهرة لا يهمها أن أراسلها . ربما يهمها بالذات ألا أراسلها وفي ساعة الظهيرة في فسحة الغداء التي تتخلل يوم العمل الطويل لمن يعملون كنا نجلس معا .
نشرب القهوة تحدثني عن نفسها وأحدثها عن نفسي .
ويقربنا الصمت أكثر عندما نتطلع عبر زجاج المقهى الى ذلك الجبل المستطيل المتعرج الرابض على ضفة النهر الأخرى كتمساح طويل الذيل .
ولكني لما بدأت أشتهيها أصبحت ثرثارا , كنت أتحصن وراء جدار الكلمات لكي لا أفتضح , تتدافع كلماتي الفارغة جرارة ومسلية ومتتابعة مثل شرنقة دودة عراها جنون الغزل فلا تستطيع أن تكف لعلي وكيف الآن أدري ؟ كنت عن غير وعي أغزل من خيوط الكلمات شباكا حولها .
وكانت هي تتطلع الي بعينهيها الجميلتين , تتسع العينان وهي وتبتسم وتسألني : من أين تأتي بكل هذا الكلام ؟ صنعتي أنا أن أتكلم فكيف تفوقت علي .
ولكني في تلك الظهيرة لم أستطع . تبعثرت خيوط الكلمات وتمزقت , حلت فجوات طويلة من الصمت كنت أنظر خلالها ساهما الى النهر , وجلست هي منكبة على فنجان قهوتها الفارغ تديره في الطبق لا أرى سوى هالة شعرها الكثيف وأنفها البارز المستقيم وكانت ترفع رأسها فجأة تنظر الى حين أسكت وتقول أكمل ... أكمل .. ولكن الكلمات لا تكتمل .
وخارج المقهى سرنا الى حيث أركن سيارتي .. سآخذها مثل كل يوم حتى باب المكتب الذي تعمل به أتركها وأتظاهر أنا أيضا أني ذاهب الى عمل .
ولما وصلنا الى السيارة قالت أريد أن نمشي قليلا هل لديك مانع ؟
مشت بجانبي بطيئة على غير عادتها ولم نكد نتحرك خطوات حتى توقفت وقالت بصوت حازم : اسمع لا أريد أن أراك بعد اليوم .
سامحني ولكن يحسن ألا نلتقي أظن أني أحببتك وأنا لا أريد ذلك . لا أريده بعد كل ما رأيته في هذه الدنيا .
وكنت أعرف ما رأته في هذه الدنيا فسكت لحظة وقلت كما تشائين وراقبتها وهي تبتعد عني بخطوات مسرعة .
ولكن تلك لم تكن هي البداية .
في البدء كان كل شيء يختلف , يومها ترددت كثيرا في الذهاب الى ذلك المؤتمر الصحفي كنت أعرف سلفا أن كلاما سيقال لو أرسلته فلن تنشره الصحيفة في القاهرة ولو نشرته فسوف تختصره وتخففه .
بيانات الرواية
تأليف : بهاء طاهر
الناشر : دار الهلال
عدد الصفحات : 243 صفحة
الحجم : 5 ميجا بايت
تعليقات
إرسال تعليق