بلزاك والخياطة الصينية لــ دى سجى

تجري أحداث هذه الرواية التي بين أيدينا في أحد الأرياف النائية، في إقليم سيشوان “هذا الإقليم البعيد عن بكين والقريب جداً من التبت” وفي عهد حكم الزعيم الصيني ماوتسي توبخ حيث يرسل السارد مع صديق طفولته ومراهقته (لو) ضمن حملة إعادة التأهيل-التي أطلقها ماو في يوم من أواخر العام 1968-وذلك ليعاد تأهيلهما مثل ملايين الشبان الصينيين (تحت إشراف الفلاحين الفقراء) وهنا في هذه القرية يخضع الشابان الصغيران لأنواع شاقة من العمل السخرة وفي ظروف جغرافية ومناخية قاسية لا يجدان ما يشفع لهما سوى موهبتهم الفريدة في الكلام والتي أغرت مأمور القرية
مقتطفات من الرواية
مقدمة


وراء العزلة التي يعيشها الأدب الصيني تتشامخ كومة من أسباب يختلط فيها ما هو سياسي مع ما هو ثقافي فقط عبر ممثليه الذين يعيشون في المهجر أمثال " جاوشين جيان " و " شان سا " وغيرهما .
استطاع هذا الأدب خلال السنوات الأخيرة أن يكسر حاجز العزلة هذا فمنذ نيل الكاتبة الصينية " شان سا " جائزة GONCOURT عن روايتها " بوابة السلام السماوي " عام " 1998م " بدأ هذا الأدب يستقطب اهتمام قطاع أوسع من القراءة في أوروبا ليصل هذا الاهتمام ذروته مع فوز " جاوشين جيان " بجائزة نوبل عام " 2000 م " عن روايته " جبل الروح " هذا النجاح الذي حازته الرواية في الغرب ربما يمثل سببا من أسباب عدة أدت الى أن تلقى هذه الرواية التي بين أيدينا " بلزاك والخياطة الصينية الصغيرة " ما تستحق بلزاك والخياطة الصينية لــ دى سجى من اهتمام من قبل القارئ الفرنسي منذ لحظة صدورها عام " 2000 م " عن دار جاليمار رغم أنها العمل الأول لمؤلفها الصيني " ديه سيجي " .
تجري أحداث الرواية في أحد الأرياف النائية في اقليم سشوان " هذا الاقليم البعيد عن بكين والقريب جدا من التبت " وفي عهد حكم الزعيم الصيني ماوتسي تونج حيث يرسل السارد مع صديق طفولته ومراهقته " لو " ضمن حملة اعادة التأهيل – التي أطلقها ماو في يوم من أواخر العام " 1968 م " وذلك ليعاد تأهيلهما مثل ملايين الشباب الصينيين " تحت اشراف الفلاحين الفقراء " وهنا في هذه القرية يخضع الشابان الصغيران لأنواع شاقة من العمل السخرة وفي ظروف جغرافية ومناخية قاسية لا يجدان ما يشفع لهما سوى موهبتهما الفريدة في الكلام والتي أغرت مأمور القرية وهو " آخر السادة المولعين بالحكايات الشفهية الجميلة " على ارسالهما مرة واحدة كل شهر الى مركز المقاطعة لحضور العرض الشهري لفيلم سينمائي يقام في ساحة الألعاب الرياضية في المدرسة الثانوية للمدينة " التي تحول مؤقتا الى سينما في الهواء الطلق " ليقوما من ثم عند عودتهما بسرد ما شاهداه بالتفصيل لأهالي القرية وعلى رأسهم المأمور " بعينه اليسرى المبقعة على الدوام بثلاث قطرات من الدم " .
في هذه الأثناء تتعقد صلتهما بالخياطة الصغيرة التي سيخوضان معها وبدونها أنواعا من المغامرات لعل أهمها مغامرتهما مع مؤلفات " بلزاك " التي كانت تندرج , آنذاك مع غيرهما من مؤلفات الأدب الغربي في خانة المحرمات مخترقين بذلك أحد التابوهات المؤسسة للسلطة السياسية .
ولكي لا تتحول مقدمتي هذه الى كراسة تعليمات أضعها بين يدي القارئ سأكتفي بثلاث اشارات فقط تاركا للقارئ حرية معانقة هذا العمل الغارق في استرجاع التجربة الفريدة لمؤلفه أو سارده لا أدري .
أولا : اود الاشارة الى أن هذه الرواية تلتقي مع كتابة السيرة الذاتية في غير نقطة , فهي أولا تعود الى أحداث وتواريخ مستمدة من تاريخ الصين المعاصر تجعل منها اطارا عاما وموضوعيا للقصة .
يأتي بعد ذلك استرجاع الأحداث من منظور ضمير المتكلم – باستثناء الاجزاء الثلاثة من الفصل الثالث حيث يسلم خيط السرد بالتوالي الى كل من الطحان العجوز , لو , الخياطة الصغيرة – الذي هو في ذات الوقت شخصية رئيسية منخرطة في الأحداث ومشاركة في صنعها وسارد يقف منها على مسافة تضيق وتتسع بمقتضى الحاجة الى خلق رؤية كلية وشاملة تنطوي على رؤيته بوصفه مراقبا خارجيا منفصلا عنها .
الى عدم ثبات المسافة الفاصلة بين زمن السرد وزمن الأحداث هذا يمكننا أن نعزي ذلك التنوع الأسلوبي الذي يسم الرواية .
فحين يتعلق الأمر برسم اطار عام للأحداث أو سرد أحداث لا تمت بصلة لخبرته الذاتية المباشرة كشخصية رئيسة نراه يعمد الى التزام مسافة كبيرة مما يتيح له حرية الحركة والتنقل بين الأزمنة واسقاط أزمنة وأحداث لا تخدم القصة .
تساعده في ذلك تقنية التقطيع التي بموجبها ينقسم العمل الى أجزاء كل منها يبدو كما لو أنه كيان قائم بذاته رغم عدم استقلاليته عن المسار الخطي للأحداث .


بيانات الرواية
الاسم : بلزاك والخياطة الصينية
تأليف : دى سجى
الترجمة : محمد احمد عثمان
الناشر : دار نينوى للدراسات والنشر والتوزيع
عدد الصفحات : 190 صفحة
الحجم : 3 ميجا بايت
تحميل رواية بلزاك والخياطة الصينية

تعليقات