رصيف الأزهار لــ مالك حداد


ليس في رصيف الأزهار من يجيب آخر ما كتب مالك حداد ممتلئة بالذكريات وأوجاع الانكسارات والشوق الى(قسنطينة) مسقط الرأس والهوى البعيد وها هوالرصيف الباريسي الذي لم يعد يجيب وها هو خالد بن طوبال وأحداث الربيع الدامي برصاص الاستعمار الفرنسي في 1945 " في ذلك الصباح من شهر أكتوبر كانت ثانوية قسنطينة القديمة متأثرة إلى أقصى حدود التأثر...

مقتطفات من الكتاب



مقدمة
كان القطار كتلك الخيول التي يثير نفرتها اقترابها من الاصطبل ينتشي من سرعته ذاته ومن نفاد صبره وهو قادم من مرسيليا مقبل على باريس وخطر في بال خالد : " قد يقال أنه يحضر للامتحان " .
كان المطر ينهمر فوق الزجاج الواقي ولم تكن قد اغمضت عين لخالد فهو عندما كان أصغر سنا لم يكن ينام قط عشية الامتحان .
وها هو أيضا على طريقته يحضر كالقطار للامتحان .
رصيف الأزهار اللهم الا هذا الفارق بينهما وهو أن هذا القطار يعرف بالضبط الى أين يذهب وأنه لا يوجه الى نفسه أسئلة .
ترى هل تسلم سيمون في الوقت المناسب برقيته التي يطلب منه فيها أن يحضر ليكون في انتظاره بالمحطة ؟ ... ان الانسان ليخامره شعور باليتم عندما يهبط في مكان ما فلا يجد أحدا بانتظاره غير أن هذه المشاعر كانت لا يخالطها أية غيرة ولا أي حسد لأولئك الذين يستقبلون بالابتهاج والترحاب وتعابير مبتذلة مستهلكة كثيرا رغم أنها تطفح بالعطف وبالمودة .
ترى هل يجد بانتظاره من يقول له : " هل كانت سفرة موفقة يا خالد ؟ " أنه لم يشك لحظة واحدة في أن سيمون سوف يكون بانتظاره على الرصيف .
والآن ها هي الحدائق والمنازل الصغيرة وأبراج الأجراس التي تتوارى بعضها أثر بعض حتى تندر رؤيتها .
وها هي الىن تلك الضاحية التي تعرفها كابته بطرقها الكثيرة ومحطاتها العديدة التي لا تتوقف عليها قطارات النهار أبدا .
وأخيرا ها هي الأحرف الحمراء التي تعلن الوصول : " باريس 6 كيلو متر " .
كان خالد قد أعد الكلمات التي سوف يقولها لسيمون وتهيأ للمظهر الذي سوف يتخذه ليخفى به عاطفته .
غير أنه طيلة الليل كان قد " حضر لامتحانه " وهو يشعل السيجارة اثر أخرى وذلك بينما كانت تمر خلف الفتحات الزجاجية المعتمة أشباح المناظر الطبيعية والذكريات التي لا تنفك تذهب ثم تعود .
وقفز الى الرصيف يقلد مشية المسافر العادي الذي لا تربكه حقيبته الصغيرة ولا مشاكله .
وغدت الأمتار الأخيرة أطول مسافة كان عليه أن يقطعها ولم يكن قد أبصر بسيمون فاذا باحساس عجيب من التشوش واللا واقع يعتريه يقال : " ان الصباح شاحب "
حقا انه لشاحب .
لا شك في أن سيمون سيكون بانتظاره بباب الخروج ولكن سيمون به كالاسورة في سماء مكفهرة أشكال دائرية غير منتظمة .
وانتظر خالد حتى ينتهي انسياب سيل الجمهور قبل أن ينادي سيارة أخرى كان واضحا كل الوضوح أن سيمون لم يأت .
شارع بونابرت من فضلك .
يعرف خالد في هذا الشارع الواقع في المنطقة السادسة فندقا كثيرا مانزل فيه وأقام طويلا أيام كان يأتي للمكوث في باريس .

بيانات الكتاب



الاسم : رصيف الأزهار
تأليف : مالك حداد
الترجمة : ذوقان قرقوط
الناشر : الهيئة المصرية العامة للتأليف والنشر
عدد الصفحات : 166 صفحة
الحجم : 4 ميجا بايت

تحميل كتاب رصيف الأزهار

تعليقات