لا بحر في بيروت لــ غادة السمان

هنا مجموعة من القصص تحكي الحب الذي لا تلده الا القصص ... او الأحداث التي تمرّ بنا كالبرق ... تخطفنا من ذواتنا ... تشدّنا الى المجهول البعيد المغري .... وتعيدنا بصدمة او دمعة
هنا الحب سبيلا لا غاية
احساس يملؤنا سعادة لا توصف قبل الوصول اليه بلحظات ويختفي عند اوّل لمسة
هنا الحب لا اسم له ....لكن ان عرّفناه ببساطة نقول انه نقيض الزواج
مجموعة قصصية جميلة
مقتطفات من الرواية




مقدمة
العاصفة تشرنق المدينة بالمطر والظلمة وزعيق الريح , غرفتي خائفة مدفونة في أحشاء البناء , الساعة تلهث فوق الحائط وتكاد عقاربها تشير الى الثانية عشرة , مكتبتي المتخمة تتوهج بالتحدي والمطر يتطفل على النافذة وعلى وجهك الذي يطل أبدا خلف أية نافذة منذ عرفتك .
أمامي حقيبة سفر مفتوحة ستكون ممتلئة بعد دقائق وورائي ساعة وحائط ومكتبة تمردت عليها لأني اخترت النافذة والمطر والظلمة والمجهول ووجهك الذي يطل أبدا خلف أية نافذة ولأن في صنين وراء الثلوج وراء المطر وراء اللون والصوت والصدى قمة منسية في آماد الوحشة اللا متناهية ولأننا سوف نبحث عنها سوف نذهب اليها سوف نحترق فيها وسوف ننطلق منها الى الحقائق الصلبة النائية ولن نعود وسوف نهو مطيرين ذئبين ذرتين ولا شيء سوانا .
سيقولون هربا !
لا بحر في بيروت لــ غادة غسان ولن نلتفت لنقول لهم أننا لم نهرب وانما رحلنا حينما فقدنا احساسنا تماما بوجودهم انني أسمع مديري يصرخ : " تلك المجنونة كانت أكثرهن ثقافة واتزانا وعملا " .
ثم تتولى زوجته شرح الحكاية المثيرة للصديقات وما أكثر صديقاتها يوم تولم في الدار فضيحة : كنت أتوقع لها ذلك منذ البداية , عانس , جميلة ولا أهل لها , كتاب واحد في مكتبها الضخمة يدفع بأي عاقل الى الجنون , فليقولوا ما شاءوا يا ثيابي المتهاوية في الحقيبة الفارغة لن أتردد يا قمة في صنين , يا وجهه خلف النافذة يا سأم أعوامي الثلاثين العذراء بين صياح مؤذن وناقوس كنيسة , حواء استيقظت فليسجد الغاب لن آخذ معي أي كتاب لتكن للمرة الأولى حقيبة أنثى !
الساعة تزداد وجيبا فوق الحائط دقاتها الاثنتا عشرة تكاد تحتل المدينة , لا ريب في أن زوجتك الآن نائمة وأولادك نائمون وأنت تنسل من غرفتكما هاربا منها من الحكايا الرتيبة اللزجة المكدسة في ثنيات منخريها, من أرجوحة السأم المعلقة في كل زاوية من الزوايا تحمل حقيبة هيأتها منذ النهار وتنسل نحو الباب بهدوء لتنتظرني عند الشجرة قرب بيتك , لن أتأخر يا صدرك العريض اني قادمة أحاول أن أحمل حقيبتي بعد أن أغلقها انها ثقيلة تشدني الى الأرض الى غرفتي وبيتي انتزعها وأخرج من الغرفة أذرع خفية تمتد منها تحاول أن تقبض علي أن تعيدني الى سكينة يأسى فيها .
لن أبقى هنا أجر عمرا عميقا أبله الانتصارات , أهبط الدرج بحقيبتي ترى في أية غرفة سوف أفتحها وعلى أي مشجب سوف أعيد ترتيبها ؟
لا أدري لماذا يغمرني احساس كلي مكثف بأن ذلك لن يكون أبدا , أمزق تلك الهواجس وأنا افتح باب سيارتي الصغيرة ألقي بالحقيبة على المقعد الخلفي أدير المحرك أتمهل دقائق ريثما أدفئه انطلق اليك التفت نحو بيتي أودع استكانته في التواضع الصامت الذليل بين بقية البيوت اني أتفجر أتمزق شوقا للرحيل ثلاثين عاما وأنا أبحث وعبثا أبحث وأنا أظن أحيانا أني وجدت شيئا .
كنت فأرة مكتبة , رقصت مع شياطين " ميلتون " وطفت بالجحيم مع داني وزحفت في أزقة باريس مع زولا , وتهكمت مع فولتير وماذا بعد ؟ لا شيء سوى أنني لم أجد الحقيقة التي تسندني , تعيد خلقي تميزني تمنحني خصوصيتي في هذا الضياع الرحب , لا شيء ميدوزا الثقافة حجرتني زادتني تشويها وظل السؤال يمزقني : وماذا بعد ؟ وما معنى هذا كله ؟
حتى التقينا فعرفت أن الحقيقة الوحيدة هي الرجل المحب المحبوب .
بيانات الرواية




الاسم : لا بحر في بيروت
تأليف : غادة السمان
الناشر : منشورات غادة السمان
عدد الصفحات : 153 صفحة
الحجم : 4 ميجا بايت
تحميل رواية لا بحر في بيروت

تعليقات