مواطنة متلبسة بالقراءة لــ غادة السمان

أعلن سومرست موم نبأ وفاته الذي تم منذ أعوام بعيدة، منذ توقف عن الكتابة! وحينما أذكر أن الأديب الذي يقول هذه الكلمات قد باع (80 مليون) نسخة من كتبه مترجمة إلى مختلف لغات العالم، تساور في رغبة أكاديمية شريرة، لإعداد قائمة كبيرة بأسماء بعض أدبائنا المعاصرين الذين ناموا على أمجاد مؤلفاتهم الماضية، واكتفوا من الحركة بوسام يكاد الصدأ يأكله، ولقب يعتبرونه (وفقاً) يكرس مواهبهم، وربما يرثه أبناؤهم من بعدهم!
مقتطفات من الرواية
مقدمة


مسرح اللا معقول : أنا أتعذب , فأنا موجود !
" أنا الطير الأخضر بمشي وبتمختر أمي دبحتني وأبي أكل لحمي وأختي الحنونة تلم عظامي وتبكي ...."
من أغنية شعبية شامية
" ما معنى هذا ؟ .... الام يرمز هذا الحوار العجيب ؟ ... هذا الهذيان , هل يمكن أن يكون مسرحية ؟ ... ما سر شهرة هذه الطلاسم ومؤلفها ؟ "
بهذه التعليقات وبتعليقات مشابهة خرج جمهور عربي من مسرح بيروتي بعد أن شهد مسرحية ل " يونيسكو " تمثل للمرة الأولى في لبنان ...
مواطنة متلبسة بالقراءة لــ غادة السمان البطاقات كانت قد نفدت قبل موعد المسرحية بأسابيع ... تهافت الجمهور المثقف عليها , يدفع أكثرهم الفضول لمشاهدة " مسرح اللا معقول " وخرجوا بما يشبه خيبة الأمل , والحيرة أمام مسرح جديد بمعاني الكلمة كلها , لم يألفوه ولم يعتادوا التقاط موجاته , واستقبال رموزه .
طعنة في صدر " بيكيت " فجرت اللا معقول :
و يونيسكو أحد أفراد موجة فنية جديدة , انبعث من أوروبا وأميركا , وشملت نواحي الفن جميعا من رسم ونحت وموسيقى , وتبدت بشكل خاص في المسرحيات التي يكتبها سمبسون هارولد بينر وجون آردن في انكلترا , يونيسكو جينيه وبيكيت في فرنسا وكان توفيق الحكيم المسرحي العربي الأول الذي ظهرت على نتاجه أعراض هذه الموجة في مسرحيته " يا طالع الشجرة " .
ترى هل كانت الطعنة التي تلقاها " صموئيل بيكيت " في صدره فاتحة عهد مسرحي جديد , وتحولا خطيرا في أسلوب التعبير عن عبث الوجود ؟ .. هل كان الخنجر الذي أغمده مشاكس مجهول في صدر بيكيت في الظلام الاشارة التي رفعت الستار عن مسرح الحياة كما يراه بيكيت ؟ حيث يتحرك الناس وهم يئنون ويلهثون على خط شاحب كئيب من أفق الفجر الذي يفصل بين الوجود والعدم .. ان أحدا منهم لا يعتبر سيد حياته أو موجها لمصيره , بل هناك قوة خفية توجه حركاته وسكناته لذا فهم يتحدثون عن حياتهم كأنها " شيء انتهى أو مهزلة لا تزال قائمة " والنمو الوحيد الممكن هو نحو الفناء , والتواصل الانساني أكذوبة .
السر العتيق العتيق
من يزرع الألغاز والطلاسم في مسرح اللا معقول ؟ من هو بطلهم هل هو انسان من نوع جديد من كوكب اكتشف حديثا في عصر الفضاء ؟
الحقيقة أن بطلهم هو بطل كل أثر فني وأدبي منذ تعلم الانسان النحت على جدران مغاوره ..
انه الانسان , القافلة البشرية التي ما زالت تمضي في متاهات الوجود منذ آلاف السنين دون أن تعرف شيئا جديدا ودون أن تكتشف – في رأي البعض – المبرر لوجودها والغاية من رحلتها والمنفى الذي يساق اليه أفرادها بعد أن يغوصوا في أرض الرمال المتحركة : الموت , دون أن يملك لهم أطباء القافلة وسحرها شيئا ... والأسئلة التي يحاول مسرح اللا معقول أن يجيب عنها هي الأسئلة العتيقة نفسها : من هو الانسان ؟
ما موقعه من الشبكة العنكبوتية الانسانية الكبيرة ؟ ما مهمته ؟
ما هو تفسير السلوك الانساني ؟ هل الانسان كاهن , أم مهرج مجبر على تأدية دوره ؟ هل هو حر حقا , أم أن حريته بحد ذاتها سبق أن رسمت له ؟
وهكذا توالت المحاولات للاجابة عن هذه الأسئلة وجاءت التفسيرات الدينية والماركسية والداروينية والفرويدية كل بدورها , أو متمازجة في محاولة اعطاء حل نهائي أو جرعة أفيون مخدرة أو وهم أو شبح خلاص ...




بيانات الرواية
الاسم : مواطنة متلبسة بالقراءة
تأليف : غادة السمان
الناشر : منشورات غادة السمان
عدد الصفحات : 324 صفحة
الحجم : 11 ميجا بايت
تحميل رواية مواطنة متلبسة بالقراءة

تعليقات