مع ناجي ومعها لــ غازى عبد الرحمن القصيبى

يدور القصيبي في فلك شعر "ناجي"… يقطف من دوحة شعره… زهرات يجمع باقة ملونة بألوان شتى، ألوان المعاني التي تسللت إلى خيال الشاعر في وضح الحياة… ودخل القصيبي عالم ناجي، أحب حيث مسه الحب… وفي موضع البكاء بكى… بكى ناجي كما أحبه… وبكت هي خوف الفراق قبل قدومه.
مقتطفات من الرواية


سوف أحدثك , يا حلوتي , عن الشعر . وعن ناجي , هذا الشاعر القريب من قلبي . اعلمي , يا رعاك الله , أن أحدا لم يستطع حتى هذه اللحظة أن يعرف الشعر تعريفا يليق بالشعر . ولا أتوقع أن يستطيع أحد في المستقبل . والسبب ؟! السبب أن التعريفات كلها , بلا استثناء , أوصاف خارجية . لا تقدر على سبيل المثال , أشهر تعريف في التاريخ : " الإنسان حيوان ناطق " . تعريف صحيح , جامع مانع . ولكن هل يقول لنا هذا التعريف شيئا , أي شيء , عن سخاء إنسان ما أو غبائه أ, نبله أ, حيائه أو خسته ؟ حتى التعريفات العلمية لا تشفي الغليل . درسنا جميعا في المدرسة أن الماء هو أوكسجين وهيدروجين . ولكن هل يقول لنا التعريف هل الماء الذي نشربه من مياه النهر الخالد- وهناك نهر خالد واحد ! – أو من مياه مصنع التحلية ؟ هل تريدين , يا أخلى قصيدة , سببا ثانيا يجعل الشعر يستعصي على التعريف ؟ اعلمي , يا حلوتي , أن الشاعر عندما يكتب شعرا يحاول أن يصف شيئا ما في نفسه , الجوع مثلا . ولكنه يحاول , في الوقت نفسه , أن يوصل رسالة عن الشيء الذي في نفسه , الجوع مثلا , الى الآخر , القارئ , أو الحبيبة , أو الجمهور , أو التاريخ . ومتطلبات التعبير عن الشيء كثيرا ما تتناقض مع متطلبات إيصال الرسالة . التعبير مجهود فردي والاتصال مجهود يتجاوز الفرد الواحد . ومتطلبات الإيصال تتغير بسرعة مذهلة من زمان الى زمان ومن مكان الى مكان . " أنا جائع مع ناجي ومعها لــ غازى عبد الرحمن القصيبى كالصحراء " , رسالة يفهمها البدوي بكل وضوح , ولكن هل يفهمها من لم ير الصحراء في حياته ؟ " أنا جائع كجهاز تمزيق الأوراق " , رسالة يفهمها كل مدير شاب ولكن هل يفهمها البدوي في الصحراء ؟ وسادتنا النقاد والأكاديميون كثيرا ما يخلطون بين ضرورات التعبير وضرورات الاتصال . وتكون النتيجة جوار الصم والبكم الذي يصك أسماع الصفحات الثقافية . هل تريدين يا غاليتي المقفاة , سببا ثالثا ؟لم يكن للشعر دور واحد عبر الأزمنة والأمكنة . في الجاهلية , كان الشعراء يصنفون ضمن السحرة والكهان . كان هجاؤهم يرعب الى درجة جعلت الكثير منهم – آسف , لا توجد لدي إحصائية !- يموتون مقتولين بسبب الرعب الذي أدخلته قصيدة الهجاء في قلب القاتل المهجو . الآن , يكتب الشعراء قصائدهم بالكومبيوتر . يغضب شعراء اليوم لو وصفهم أحد بالكهان ورفاق الشياطين . هل أطلت عليك الحديث ؟ حسنا ! سوف أعرض عليك تعريفي المتواضع جدا , للشعر :
الشعر قفز لحظة
من الحياة في نغم
وهو تعريف سهل قصير منظوم اذا شعرت عندما تقرأين شعرا يعبر عن لحظة في حياتك أنت ويعبر عنها بطريقة موسيقية فاعلمي أنك بصدد شعر وشعر ناجي قريب من قلبي لهذا السبب , أحس عندما أقرأه أنه يتحدث عن حبي أنا عن ظمأي أنا عن شقائي أنا عن سعادتي أنا لا تقرأي يا حلوتي سوى الشعر الذي تجدين نفسك فيه وأرمي ما عداه بلا مبالاة اتركي بقية المعايير لسدنة النقد العظام .
دعي أعظم الشعراء لأعظم الأكاديمين واتركي أمراء الشعر لملوك التنظير وتمسكي بالشعر القريب من قلبك ولو قاله مجنون أو طفل أو شيخ خرف أو مغمور لم يبايعه أحد أشعر الجن والانس ولم يقل أحد أنه شاعر العالم أو نصف العالم على أقل تقدير آه ! أعتقد أني أعرف عن ناجي ما يجعلني أعرف ذوقه لم يكن ناجي عاشقا سعيدا أيتها الحلوة السعيدة العشاق السعداء لا يكتبون أشعارا خالدة .
وأوشك أن أقول العشاق السعداء لا يوجدون اما أن تكون عاشقا أو تكون سعيدا هذه اشكالية الحب " أيتها الصغيرة العذبة لماذا يقول الناس هذه الأيام " اشكالية " ولا يقولون " مشكلة " ؟ لا أدري ! لعل الكلمة من متطلبات الحداثة , لعلها وردت في المواصفات التي يصدرها بصيغة دورية مملة سدنة النقد العظام .
بيانات الرواية




الاسم : مع ناجي ومعها
تأليف : غازى عبد الرحمن القصيبى
الناشر : المؤسسة العربية للدراسات والنشر
عدد الصفحات : 80 صفحة
الحجم : 2 ميجا بايت
تحميل رواية مع ناجي ومعها

تعليقات