الدون الهادئ ج2 لـ ميخائيل شولوخوف

  أشعر أني شريكة في كل الذي يحدث بشكل ما..إنك ترى وتلمس وتستشعر طيلة الوقت معاناة القوزاق واضطرابهم وتشتتهم..ترى الرحمة والقسوة والدم والنار والدمار والحرب والثورة..ترى الثورة والثورة أو فلنقل والثورات المضادة وكثيرون من هنا وهنا مخلصون للوطن لكن لكل وجهة نظره

مفتطفات من الرواية

الجزء الرابع
1916 . تشرين أول مساء مطر ورياح , غابات , خنادق على مشارف مستنقع تظلله أشجار الحور , شبكات من الأسلاك الشائكة في المقدمة , وحل متجمد في الخنادق صفيحة برج المراقبة الندية تسطع بحديدها الكامد .
أضواء هنا وهناك في الحفائر , في مدخل احدى حفائر الضباط توقف هنيهة ضابط قصير القامة وانزلقت أصابعه المبتلة فوق أزرار معطفه ثم حلها بعجالة ونفض الماء عن ياقته ومسح حذاءه بكومة من القش المداس فوق الوحل في المدخل وعندئذ فقط دفع الباب , وانحنى ثم دخل الحفيرة .
الدون الهادئ (2) والتمع على وجهه شريط زيتي من الضوء الأصفر ينساب من مصباح كيروسين صغير فنهض ضابط يرتدي سترة مفتوحة من على سرير خشبي ومسد على شعره الأشيب الأشعث وتساءل متثائبا : تمطر ؟
فأجابه الزائر : نعم , وخلع معطفه وعلقه مع قبعته المبتلة على مسمار عند مدخل الباب وأضاف :
أنتم في دفء هنا , تدفئون الهواء بأنفسكم .
أشعلنا الموقد قبل قليل ولكن المشكلة هي أن الماء ينزل من القاع وسوف يكتسحنا المطر , عليه اللعنة ما رأيك يا بونتشوك ؟
انحنى بونتشوك , ثم قرفص أمام الموقد وقال وهو يفرك يديه : ضعوا بعض الألواح على الأرض ان حفيرتنا جافة مريحة حتى ليسعنا أن نسير حفاة الأقدام , أين هو لستنتسكسي ؟
نائم , هل نام طويلا ؟ لقد عاد من جولة حول مراكز الحراسة ورقد في الحال .
هل هناك بأس في ايقاظه ؟
لا بأس , فسوف نلعب شوطا من الشطرنج .
ونضا بونتشوك المطر عن حاجبيه الكشين بسبابته , دون أن يرفع رأسه وطفق ينادي بصوت هادئ : يغفيني نيقولا يفتش !
قال الضابط أشيب الشعر منتهدا : " يبدو أنه مستغرق في النوم " .
ثم أردف لستنتسكي مستندا على مرفقه وقال : حسنا ؟
أتلعب شوطا من الشطرنج ؟
أنزل يغفيني ساقيه من على السرير وراح يدلك صدره السمين بشدة براحة يده الناعمة البيضاء .
وعند اقتراب الشوط الأول من نهايته دخل ضابطان من السرية الخامسة , هما الرئيس كالميكوف والملازم تشوبوف .
هتف كالميكوف وهو يجتاز العتبة : عندي خبر لكم ! الكتيبة قد تسحب .
فندت عن الضابط الأشيب الشعر الرئيس ميركولوف ابتسامة شك وقال : أين سمعت بذلك ؟
ألا تصدقني ايها العم بيوتر ؟
اذا أردت الحقيقة , لا .
أخبرنا آمر البطارية لتوه هاتفيا . أما كيف يدري ؟ بسيط ! لم يمض على عودته من قيادة الفرقة الا يوم واحد .
وقال تشوبوف وفي صوته رنة طرب , الاستحمام شيء رائع , وطبطب على ردفيه كمن يفرك جلده بأغصان من شجر البتولا .
فعقب ميركولوف مبتسما :لم يبق علينا الا أن نضع المرجل هنا , فلدينا ماء وافر .
وهمهم كالميكوف وهو ينظر الى الجدران الخشبية والأرض الموحلة : مكانكم رطب أيها السادة رطب جدا .
ذلك اننا الى جوار المستنقع تماما .
فتدخل بونتشوك : احمدوا الرب لوجودكم عند المستنقع تنعمون بالراحة كما لو كنتم في حضن المسيح , في المناطق الأخرى يخوضون المعارك أما هنا فلا نطلق النار سوى مرة في الأسبوع .
القتال خير من التعفن هنا في هذا الجحر .
انهم لا يحتفظون بالقوزاق ليبيدوهم في المعارك , لماذا تحاول أن تبدو ساذجا أيها المنافق ؟

بيانات الرواية


الأسم: الدون الهادئ ج2
المؤلف: ميخائيل شولوخوف
الناشر: دار المدى
عدد الصفحات: 514
الحجم:  7 ميغا بايت
تحميل رواية الدون الهادئ ج1


تعليقات