التحول لـ ميشيل بوتور

تعتبر هذه الرواية التي نشرها ميشيل بوتور – أحد مؤسسي "الرواية الجديدة" – في عام 1957، واحدة من أهم روايات القرن العشرين لما أحدثته من تغيير في بنية الرواية وأسلوب تناول الشخصيات. تدخل أجواء هذا الكتاب حال قراءتك لجمله الأولى؛ هذا الكتاب الذي تكتبه أنت أيها القارئ، وتقرؤه وتنهيه ثم تلتقطه من على مصطبة القطار الذي أقلك من باريس إلى روما، مع كل التوقفات والانعطافات.

مقتطفات من الرواية

الجزء الاول


وضعت قدمك اليسرى على الفرضة النحاسية و بكتفك اليمنى تحاول عبثا ان تدفع الباب المنزلق اكثر قليلا .
تدلف عبر الفتحة و انت تحتك بحافتيها ثم تنتزع حقيبتك المغلقة بجلد محبب غامق في لون قنينة دكناء ، حقيبتك الصغيرة جدا لرجل تعود الاسفار الطويلة تنتزعها من قبضتها الدبقة باصابعك التي سرى فيها الدفء لحملك اياها حتى هنا على كونها غير ثقيلة ترفعها و تحس بعضلاتك و اوتارها ترتسم لا في لامياتك و في راحة يدك و في قبضتك و في ذراعك فحسب و لكن في منكبك كذلك و في جماع نصف ظهرك و في فقراتك ابتداء من عنقك و حتى صلبك .
لا ليس الوقت الصباحي المبكر هو وحده المسؤول عن هذا الوهن غير المألوف بل كذلك العمر الذي يحاول ان يقنعك بهيمنته على جسدك مع انك لن تبلغ عامك الخامس و الاربعين الا منذ مدة قصيرة .
التحول عيناك نصف مفتوحتان كأنهما مغشاتان بدخان خفيف جفناك حساسان و جافان صدغاك مثقلان و كأن جلدهما المشدود قد تصلب تجاعيد رقيقة و شعرك الاشعت الذي راح يتناقص و يشيب شيئا فشيئا و ان كان لا يلحظه الاخرون لكن انت و هنرييت و سيسيل و حتى الاولاد ستلحظونه من الان فصاعدا و جسدك بكامله داخل ملابسك التي تعوقه و تضيق و تثقل عليه كأنما هو مغمور في صحوته الناقصة بماء عكر و غازي يعج بديدان مجهرية عالقة .
إن كنت دخلت الى هذه المقصورة فلأنك وجدت المقعد الى يسارك في الزاوية المطلة على الممر في اتجاه سير القطار ، شاغرا . المقعد نفسه الذي كنت ستطلب من مارنال ان يحجزه لك كالعادة لو كان الوقت يسمح بذلك لكن كلا كنت ستتولى الحجز هاتفيا انت بنفسك ، و ما ينبغي لاحد من شركة سكابيلي ان يعرف ان وجهتك هي روما لقضاء هذه الايام القلائل .
ثمة رجل الى يمينك وجهه بمستوى مرفقك جالس قبالة المقعد المواجه للمقعد الذي ستجلس عليه في هذه الرحلة ، اصغر منك سنا بقليل لا يتجاوز الاربعين اطول قامة منك سحنته باهتة شعره اكثر شيبا من شعرك عيناه تطرفان خلف نظارات مجسمة كفاه طويلتان ترتجفان اظافره متآكلة دكن لونها من التدخين تتشابك اصابعه ثم تنفك بعصبية بانتظار الرحيل . إنه دون شك صاحب هذه الحقيبة السوداء المملوءة بملفات تلحظ بعضا من حافاتها الملونة و قد تسللت من خلال فتق و كتبا مجلدة هي بالتأكيد مملة على الرف القائم فوق رأسه و كأنها شعار او تعلق لا يقل دلالة او غموضا لكونها شيئا ملكية خاصة و ليس كلمة مركونة على الشبكة المعدنية ذات الثقوب المربعة و متكئة على الجانب المحاذي للممر .

بيانات الرواية




الاسم : التحول
المؤلف : ميشيل بوتور
الناشر : هيئة ابو ظبي للثقافة و التراث
عدد الصفحات : 248
الحجم : 4.75 ميجا
تحميل رواية التحول

 

تعليقات