طائفة الأنانيين لــ ايريك ايمانويل شميت


بأسلوب سهل وبسيط تنقلنا هذه الرواية إلى وقع آخر. موضووعها أبدي، نهايتها مسلية، ومضمونها حافل بمقولات تستهوينا لتدوينها وتذكرها بين الحين والآخر.
إنها بحق عمل أدبي ظريف، محرك للفكر، مثير للوجدان.

مقدمة

حدث ذلك مساء يوم من أيام كانون الأول \ ديسمبر في المكتبة الوطنية , بعدما دب التعب في أوصالي من فرط ما انشغلت طيلة النهار بملء الجذاذات والتسجيل والتحشية والتعليق والتحميص والتأمل الى أن كلت عيناي وثقلت يدي وضعت قلمي الريشة ودفعت بالمقعد الى الخلف .
من حولي تناثرت الأجسام المنكسرة على مكاتبها والرؤس الصلعاء التي تلمع تحت أضواء المصابيح والحيطان العالية المؤلفة من الكتب المغلقة والصامتة والعصية على النفاذ سائل دبق كئيب ظل يستبد بقاعة المطالعة الكبرى ويجمدها في وضعية الصمت الخامل .
لا شيء كان يتحرك رائحة الغبار الخالص من قبيل ما ينفض كل صباح ظلت تتلبد في الأجواء .
طائفة الانانيين " أنا أحلم ... ما عدت أحيا ...لقد حكمت على نفسي بالبقاء متشبثا بسراب "
لأول مرة في حياتي شعرت بالكراهية ازاء ما كنت أقوم به من أعمال البحث حنت مني نظرة الى الملفات التي تكدست أمامي وظلت منفعلة لسنوات مديدة على عملي المتواصل في البحث والتنقيب وعلى بحوث غامضة في لغويات القرون الوسطى التي لم تكن تعني أحدا ولا حتى أنا بالضبط فشعرت وكأنها أشياء بعيدة وغريبة عني .
تسلل ظل معتم من أعلى عبر السقيفة الزجاجية القاتمة , جلت ببصري متفحصا ما كان يحيط بي , لا تزال الرؤوس الصلعاء منشغلة بالتفكير لقد كان بمستطاع المرء أن يشك في استمرار أصحاب تلك الرؤوس على قيد الحياة , لولا العيون التي كانت تتحرك منها داخل المحاجر وخلف زجاج النظارات بين الفينة والأخرى لقد كان هؤلاء أشبه بوزغة جاثمة في مكانها لا تنشغل سوى بهضم الشحرة التي اصطادتها وهم منكبون على القراءة والتهام المعارف لاشباع أذهانهم بما هو أساسي من العالم لكم تغدو الأبدية مضجرة حينما تعبر الزمن حينها نهضت من مكاني باستعلاء , نظرت الى كافة الرؤوس الصلعاء وي وي ! لا يكادون يشكون في أنفسهم أبدا !
بعد ذلك دلفت الى القاعات التي تقع بالسراديب وتضم لوائح الكتب وأنا أرسم على وجهي ابتسامة ساخرة , قررت أن أخرق القانون وأنكب على قراءة شيء غير مفيد ! أن أقرأ أي شيء كيفما اتفق لقد قر قراري اذا على هتك تلك القاعدة المعتمدة في البحث وعلى الاستهتار بكل شيء واختيار القراءة لغاية المتعة وحسب ...لقد قر قراري على ارتكاب ما يعتبر في البحث جناية !
مشيت بجفنين مغلقين تائها بين الكاتالوغات المتكتلة في الأدراج ثم فتحت بالصدفة درجا منها , وكان قصدي أن أخرج منه جذاذاة من الجذاذات كيفما اتفق وهكذا صار .
وضعت طلبي لدى القيم على المكتبة وأنا لا أعرف من الجذاذة سوى رقم الكتاب , ومن جديد عدت الى مكاني في فضاء القاعة الكبرى , وجلست أنتظر لمدة عشر دقائق وأنا أضحك في قرارة نفسي من جراء الفرح الداخلي العارم الذي اعتراني .
جاءني عامل القاعة أخيرا يحمل كتابا قديما سفر بجلد أحمر به حواف بنفسجية اللون كان كتاب : المعجم القومي من تأليف فوستيل الهويلييري ونشر في أربعة أجزاء سنة 1798 من قبل نيسيفور سالفان .
يا للسعادة ! لقد ظللت أجهل تماما بوجود هذا الكتاب , فتحته بطريقة اعتباطية وأنا ما زلت مستسلما لمبدأ الصدفة فوجدت مكتوبا بأعلى الصفحة 96 المقالة الآتية :
الأنانية " كلمة فلسفية " يدعى أنانيا كل شخص يعتقد أنه يوجد لوحده في العالم بينما البقية ليست سوى مجرد أطياف وأوهام , وقد وجد بباريس للعار الشديد الذي حاق بالعقل البشري ! رجل ارتبط اسمه في مطلع القرن بهذه النزعة العابثة وهو المسمى غاسبار لانغونهيرت ذو الأصول الهولندية .
 

بيانات الرواية



الأسم: طائفة الأنانيين
المؤلف: ايريك ايمانويل شميت
الناشر: دالمركز الثقافي العربيد
عدد الصفحات: 162
الحجم: ( 2 ميغا بايت )

تحميل رواية طائفة الأنانيين

تعليقات