الحق في الرحيل لـ فاتحة مرشيد


ان تحب ...ان تعاني ....ان تنتظر ...وتكون اوجاعك بحجم الكون تهرب من نفسك واذا الرحيل هو اختيارك لممارسة الهرب بكرامة

مقتطفات من الرواية

من الصعب جدا أن أكتب عنها . . ومن المستحيل ألا أفعل , هي التي تمنت أن تقرأ لي يوما كتابا باسمي , ها أنا أقرر بعد فوات الأوان أن أفعل وكأن لا بد للكتابة من موت حتى تتحرر من سجنها , كتبت عشرات الكتب ليوقعها مشاهير من نجوم ورجال سياسة ورجال أعمال .. كنت " الكاتب الشبح " أو " العبد " لذوي المال .
هل كنت أكتب لأجل المال ؟ قطعا لا .
أنا عاشق للكتابة ولكن , هناك شيء غامض كان يحول بيني وبين العلاقة المباشرة معها كانت تلزمني دوما ستارة أتوارى خلفها حتى أرى وأكتب ما يوجد وراء النافذة مثل ذاك الرناء أستمتع بالنظر الحق فى الرحيل كتابة الى حيوات أخرى بكثير من الحياد متحاشيا التغلغل في أعماق حياتي الخاصة .
أو ربما كانت تلزمني موتا فقط لأننا " مثل الجوزة لا بد من كسرها لتكتشف " على حد قول جبران خليل جبران .
أهو موتها ما حرر الكلمات بداخلي ؟ أم هو حلولي بدهليز الموت ؟
وهل هناك من فرق بينهما وقد فقدت نفسي بفقدها ؟
لا أعلم كل ما أعلمه أو بالأصح ما أستشعره هو أن كل عفاريت العالم الخارجي لا تعنيني , وحدها عفاريتي الداخلية تحركني الآن .. تجبرني على الكتابة وتعصر أحشائي كما نعصر حبات الزيتون لنستخلص زيتها .
أنا الذي بزيت حبي لها أشعلت الحرائق , أهو تكفير عن ذنب اقترفته في حقها ؟ أم اعتراف بذنب اقترفته في حقي ؟
وكيف أكتب الآن والشخص الوحيد الذي أكتب من أجله لن يقرأني ؟
لست خائفا ولا حزينا أتمنى فقط أن " يأتي الموت وتكون له عيناها " كما يكتب سزار بافيس قبل أن ينتحر . كان بامكاني أنا أيضا أن أنتحر على أن أنتظر موعد اعدامي لكنني مصر على أن أقول كلمتي قبل أن أرحل .
ترتفع أصوت الحقوقيين أمام باب السجن مطالبة بالغاء عقوبة الاعدام في المغرب ليكون أول بلد عربي يحترم الحق في الحياة .
كنت دائما أعجب في الأفلام الأمريكية من ذاك الذي يتقدم من المحكوم بالاعدام بضع ساعات قبل النهاية ليسأله : " ماذا تريد أن تأكل ؟ اطلب ما شئت فكل رغباتك ملباة " .
أي رغبة بامكانها أن تصد الموت عمن صدر في حقه حكم كهذا ؟ وكيف لفم تصطك عضلات فكه من الرعب أن يستلذ الطعام ؟
يفقد الانسان ذكاءه أمام المواقف الحرجة , لأنه لم يخلق لكي يحسم أمورا كهاته .
لا يوجد على وجه الأرض انسان نقي بما يكفي ليصدر حكما بالموت على آخر .
كلنا خطاؤون ولهذا كلنا نتلعثم عندما نصدر أحكاما لأن أحكامنا لا يمكن أن تكون نزيهة على نحو مطلق لأنها ببساطة تصدر عن نقيض للكمال : الانسان .
تتعالى أصوات المناضلين خارجا , أنا معهم بالطبع لكنني وان كنت ضد الحكم بالاعدام بصفة عامة الا أنني اليوم مع اعدامي الخاص , أود أن أكون آخر المعدومين .
قد تجدين في هذا تأكيدا اضافيا على نرجسيتي أو كبريائي أو جنوني .

بيانات الرواية:


الأسم: الحق في الرحيل
المؤلف: فاتحة مرشيد
الناشر: المركز الثقافي العربي
عدد الصفحات: 192
الحجم:  2 ميغابايت
تحميل رواية الحق في الرحيل

تعليقات