أطفال السبيل لـ طاهر الزهراني

يتناوب الروي مابين طلال أحد أطفال الحي حينا وحينا آخر غراب والذي قد يكون رمزا للشر أو ربما الخطيئة التي تخيم على براءة هؤلاء الأطفال تمثل قمر روح التفاؤل وبصيص الأمل و البياض في النص .. الطفلة الأنثى التي تحيل ظلمة الدروب إلى معنى آخر أكثر جمالا و إشراقا ..

مقتطفات من الرواية


تحليق
الغراب الاعصم الذي ألقيت في رأسه الرعونة من بعد الطوفان ينفض جناحيه النتنين في كوة يعلوها الغبار في قصر خزام المهجور ، يطوف فوق سماء جدة كعادته كل صباح تأسره التفاصيل ، تفاصيل المدينة الموبوءة ، الشوارع القذرة ، مياه المجاري الطافحة ، الاحياء الشعبية المهملة .
و رغم بؤس المدينة ؛ الا انها تؤوي النازحين من القرى و الباحثين عن الرزق و الكثير من القادمين الذين خلعوا أرديتهم البيضاء بعد زيارة الاماكن المقدسة و قرروا المكوث في المدينة التي تكتنف الجميع ،
اطفال سبيل اعراب من الصحراء ،
هنود سمر ،
افارقة سود ،
فطس من جاوة ،
لحى من بخارة .
الغراب الاعصم المحلق يرى في جولته كل ما يشبع فضول نظره و بعد ان يتفقد احوال المدينة و البشر ، يتوجه إلى مكانه المألوف .
يشق سماء (( السبيل )) ينظر إلى البيوت العشوائية المتعاشرة ، يبحث عن أي شيء يلتقطه و بلفت انتباه ذهنه المتقد .
يلكزه الجزع اثناء تحليقه ليعيد تحويل القصد إلى البحث عن الرزق ثم يتجه إلى سوق البخارية .
و في ذلك الشارع يرى السجاد ، و الجرار ، و التانير ، ينظر إلى الفخار و الحديد ، يتأمل بريق صلعة الافغاني الذي يرص السجاد امام محله ، يسمح اطراف الشارع الضيق ليجد ما يسد به جوعه فلا يجد اثرا لا بقايا طعام و لا قط مدهوسا و لا خبزا عفنا مخضرا !
التحديق من علو لا يجعله يفوت امرا ذا بال ؛ فكيف بلقمة تسد الفراغ الذي في الامعاء ، يحرف جناحيه إلى سوق البراميل ، لا يجد شيئا سوى البراميل الزرق المتكدسة ، البراميل التي يبتاعها الفقراء ليضمنوا ماء اذا انقطع ، فالبحر الذي يجاورهم لن يشفع لهم اذا اغلقت المحابس عنهم عمدا !
و فوق احد البراميل اخذ يتسلى بالنقر ثم يتوقف ليرفع رأسه ليرى التفاصيل ، يحدق في بسطة عجوز افريقية تبيع الحلوى و اللوز و الدمى للاطفال ، يحدق في سطل التمر الهندي السائل بجوارها ، السطل المصمت بحرص .
و امام ساقي العجوز السوداء يهبط !
يحدق في القذر الملتصق بأخمص العجوز ، ثم يوهمها انه لا يريد منها رزقا ، و خلايا مخه تأمر العصب بخطف ما تيسر ، و ما إن ير إغماضة العجوز حتى يقترب من صحنها ؛ لتنهال عليه لسعة من خيزرانتها الرفيعة .
ينكص خائبا فيزداد نعيقه ، يستمر في التحليق ، و على هوائي متهالك في سوق (( اليمنة )) يهبط ، يقلب عينيه هنا و هناك ، عله يحظى بقطعة لحم نتنة أو رأس دجاجة أو فأر مقتول أو أي شيء يسد جوعه من احدى المزابل .
ينظر في السوق إلى البشر المحتشدين الذي يصدرون ازيرا كأزير النحل مشغولين بزبائنهم و سلعهم ، أناس يبيعون السمك و اللقيمات ، نساء يمنيات يبعن الارغفة ، و الخمير الاحمر و اللوح و الحلبة ، آخرون يبيعون الخضار و الفواكه ، هنود يبيعون الرؤوس المندية .

بيانات الرواية




الاسم : أطفال السبيل
المؤلف : طاهر الزهراني
الناشر : رياض الريس للكتب و النشر
عدد الصفحات : 162
الحجم : 740 كب
تحميل رواية أطفال السبيل

 


تعليقات