صانع الظلام لـ تامر ابرهيم


تدور الرواية حول يوسف الذى يعمل فى قسم الحوادث بمجلة «المجلة»، فذات يوم يكلِّفه مدير التحرير بإجراء حوار صحفى مع أستاذ جامعى حُكِم عليه بالإعدام لقتله ابنه بطريقة بشعة

مقتطفات من الرواية


يوسف خليل سيئ الحظ .
هذه الحقيقة يجب أن نتفق عليها قبل أن نبدأ حكايته و ربما لو اتفقنا على هذه الحقيقة منذ البداية لحصلنا على تفسير لا بأس به لكل ما يصيبه لاحقا و إن كنت لا تعرف من هو يوسف خليل فلا تشغل بالك بهذه النقطة فستعرف عنه الكثير حالا لكن أول ما عليك فعله الآن هو أن تصدق انه سيئ الحظ حقا .
تريد الأسباب أولا لتقتنع ؟ هذا حقك .
صانع الظلام لنبدأ بأن يوسف وحيد تماما مع انه رجل بالغ في الرابعة و الثلاثين من العمر . و الوحدة في هذا العمر ليست اختيارية صدقني . صحيح أن والديه توفيا في صباه و صحيح أنهما لم يتركا له إخوة أو أقارب – أو ميراثا حتى – لكن وحدة يوسف تشمل ما هو أكثر من هذا و اعم .. فيوسف بلا أصدقاء كنتاج طبيعي لافتقاره لأي موهبة اجتماعية تدفع أي شخص لمصادقته . و بلا جيران إذ أن شقته هي الشقة الوحيدة المسكونة في تلك البناية الحديثة التي انتقل للعيش فيها منذ عامين .. باقي الشقق ابتاعها ثري لأبنائه ليزوجوا فيها لاحقا ، حاكما على يوسف بالمزيد من الوحدة و الخواء . بلا أعداء حتى فالأعداء في هذا الزمن يولدون أصدقاء و يوسف لم يستطع أن يصادق شخصا في حياته . و أخيرا بلا زوجة لجميع ما سبق أو لان سوء حظه لم يبلغ هذه الدرجة !
هكذا يستيقظ يوسف وحيدا .. يأكل و حيدا .. ينام وحيدا و لو هلك في احد الأيام فسيهلك وحيدا و لن يشعر باختفائه احد .
إذن يمكننا الآن – على الأقل – أن نتفق على أن يوسف وحيد .
لكن سوء حظه لا يتوقف عند وحدته فجسده ذاته نموذج لسوء الحظ في كل تفصيلة من تفاصيله التشريحية .. انه قصير ذلك القصر الذي لا يدعو للاحترام أو الملاحظة .. نحيل للدرجة التي تبرز معها عظام وجهه بصورة تشعر معها انه يحمل جمجمة فوق كتفيه لا رأسا آدميا ذا ملامح .. أشعت الشعر طيلة الوقت – الشيء الوحيد الذي ورثه عن والده – و عيناه بارزتان كأنهما تحدقان بوقاحة في كل من يحيطون به باعثة مزيج عدم الارتياح و النفور في نفس كل من يحدق فيهم .

أضف إلى هذا كله بعض العيوب التشريحية غير الملحوظة و المؤسفة في الوقت ذاته ، نذكر منها – على سبيل المثال لا الحصر – ضيق خلقي في جيوبه الأنفية يمنحه ساعات من الصداع النصفي مرتين أو ثلاث مرات في كل شهر و الصداع النصفي لو لم تكن تعرفه هو الجحيم بعينه .. تخيل أن هناك جمرة موقدة تتقافز في رأسك محاولة الخروج و ستفهم نوعا ما يعانيه يوسف بانتظام مقيت .
يمكنك هنا أن تجادل زاعما أن لكل منا أمراضه و أن لكل مرض علاجا لكني أخبرك بأن يوسف سيء الحظ لذا تجد أن نحالته الدائمة سببها ارتجاع في المريء لم يتمكن أي خبير أجهزة هضمية من تفسير سببه و جيوبه الأنفية مع ضيقها تعاني حساسية مزمنة من الهواء كما اخبره الدكتور اشرف أستاذ أمراض الأنف و الأذن و الحنجرة .

بيانات الرواية :

الاسم : صانع الظلام
المؤلف : تامر ابرهيم
الناشر : مؤسسة قطر للنشر
عدد الصفحات : 167
الحجم : 18 ميجا
تحميل رواية صانع الظلام

تعليقات