رسالة من كندا لـ رينيه الحايك


الرواية تتحدث عن قصة ترعرع اطفال في ضيعة المروج في لبنان بعد آن قتل والدهم وسافرت امهم الى كندا على آمل آن تجعلهم يتبعونها

مفتطفات من الرواية

الى مروري وربيع
كان انطوان متكئا الى المقود فيما المساحات تروح يمينا وشمالا تطارد مطرا توقف عن الهطول منذ ساعات .
زوجته كارلا لم تتصل بالمستشفى , اعتادت على دواماته الطويلة , أحيانا كثيرة كان يغيب لثلاثة أيام متواصلة يعود الى البيت ليستحم طويلا وينام
دون أن ينطق بكلمة لا يرد على احتجاجاتها , تقول ان هذه ليست حياة كأنها تعيش وحدها أو كأنها أرملة يرسم ظل ابتسامة محاولا استبعاد كل تلك الصور والصرخات .
لا يذكر متى كانت آخر مرة أجرى فيها عملية استئصال زائدة أو مرارة , أجساد مهشمة مزقتها القذائف تستقر فيها الشظايا ورصاصات لا تحصى أجساد تتشابه طوال الليل والنهار كأنها جسد واحد يتكرر رسالة من كندا عشرات المرات في أوقات تعبه كان يلين ويعترف بأن زوجته كارلا على حق وأن عليهم أن يهاجروا الى كندا كما فعلت عائلتها .
الأولاد سوف يتعلمون كما ينبغي وهو سيعود لممارسة الجراحة لا استئصال الرصاص وبتر الأعضاء , لكن ليلة نوم واحدة كافية لشحنه بطاقة جديدة وبآمال تدفع كارلا الى مهاجمته والقول انه يصدق أوهامه , أو تقول انه لا يزال الصبي المفسود الذي لا يستمع الى صوت المنطق بل ينفذ ما يخطر بباله غير مبال بالآخرين .
عادة يسكت حكمة اكتسبها بعد الكثير من المشاحنات والنزاعات اعتاد أن يدخل الى نقطة بعيدة ويفكر أن كارلا ستضجر بعد قليل وتهدأ , وأن رده سيزيد الأمور سوءا .
كان الفجر قد طلع نسمات باردة تغلغلت الى جسد الدكتور خير الله , النعاس والارهاق أثقل خطواته , لا صوت حوله حتى القذائف والمعارك في هدنة عجيبة , كأن انفجارات الليلة الماضية لم تكن ولا الجثث التي ملأت البرادات , أوقع مفاتيح سيارته مرارا أسفل ظهره يؤلمه بشدة كلما انحنى لالتقاطها .
الأرض زلقة لم تجف بعد صوت مساحات يئز وسط هذا السكون التفت نحوه رأى سيارة البي أم وعرفها مباشرة , انها لزميله انطوان اسطفان لمحه من بعيد محني الرأس فوق المقود , عندما اقترب علم أنه ميت حتى قبل أن يرى ثيابه التي تشربت الدم .
رغم ذلك فتح الباب جهة السائق تلمست يده الجسم البارد ارتعش كأن حمى أمسكت به لن يعتاد أبدا على رؤية الموت منذ كم من الوقت يعرف أنطوان ؟ من أيام دراستهما معا في اليسوعية , كان أنطوان يسبقه بسنة بدا مختلفا عنهم , أول مرة التقاه ظنه أحد الآباء اليسوعيين لا بسبب لباسه فقط بل شيء فيه يجعله أقرب الى العجائز . حتى حين يشارك في حفلة طلابية يبدو غريبا مرتبكا لكنه مع الوقت اعتاد عليه خصوصا بعد أن صار شريكا في السكن لأحد أقاربه كثيرا ما انضم اليهما قبل الامتحانات لأن وجودهما كان يمده بالقوة للسهر .
وقف وسط الموقف الفارغ وضع يده فوق صدره ومشى عائدا الى المستشفى , أيقظها رنين الهاتف تكاسلت ورفعت اللحاف فوق رأسها تلمست الجهة الثانية من السرير انها فارغة , لابد أن انطوان لم يأت أو أنه نام في غرفة الضيوف كي لا يوقظها .

بيانات الرواية:


الأسم: رسالة من كندا
المؤلف: رينيه الحايك
الناشر: التنوير للطباعة والنشر والتوزيع
عدد الصفحات: 280
الحجم:  4 ميغابايت
تحميل رواية رسالة من كندا

تعليقات