فهود في المعبد لـ ميشائيل مار

يقدم ميشائيل مار في هذا الرواية \"درساً لامعاً\" في الكتابة! ليس بجمله القصيرة والمؤثرة حسب، بل بالحس التعبيري الداخلي للجملة، حتى يخيل الى القارئ انه يتذوق بهذه الكلمات \"عصير رمان منعش\" من لب الكلمات نفسها! فتراوده الرغبة لاعادة قراءة كل جملة مرت عليه. الالمانية في هذا الكتاب معادل عميق لتلابيب الانكليزية، فيما برعت لغة المترجم أحمد فاروق في إيجاد المعادل العربي.

مقتطفات من الرواية

العظاءة المغناطيسية

هانس كريستيان أندرسن
هذا الرجل غير العالم في عام 1821 اكتشف الفيزيائي الدانماركي هانس كريستيان أورستيت بمحض الصدفة أثناء اعداده لاحدى محاضراته تأثير التيار الكهربائي على ابرة مغناطيسية فعندما يسري التيار الكهربائي عبر أحد الموصلات ينشأ مجال مغناطيسي حول الموصل وبدون هذا الاكتشاف الذي انتشر في أوروبا بسرعة الريح , ما كان سيتوفر لدينا اليوم أي مولد كهربائي ولا راديو أو تلفزيون أو كمبيوتر .
فهود فى المعبد بعد خمسة عشر عاما من اكتشافه للكهرومغناطيسية قدم البروفسور أورستيت دليلا آخر على أنه محظوظ باكتشافاته وعلى أن لديه حسا سليما واثقا .
فقد تنبأ لكاتب مغمور من أصدقائه كان قد بدأ لتوه يخطو بتؤدة وتردد خطاه الألوى نحو الشهرة بأن رواياته قد تجعله مشهورا لكن حكاياته الخرافية ستخلده .
كانت للباحث الفيزيائي نظرة أبعد وأفضل من الأدباء الذين كانوا يرمقون الكاتب الناشئ بعيون الحسد المهني , هل كانت له القدرة على الكتابة بشكل سليم ؟ ألم تكن لغته الدانمركية مليئة بالأخطاء ؟ أورستيت كان على حق وبامتياز فحكايات هانس كريستيان أندرسن تعد حاليا من عجائب الأدب العالمي السبع وقد ترجم الى كل اللغات وأصبحت شخوص حكاياته عالمية ومنحت لمبدعها بعد وفاته مجدا , لم يكن سيلقى سوى استهجانه الشديد لو كان حيا لكنه أعظم أنواع المجد والمتمثل في انسحاب شخصه بهدوء وسلاسة الى عالم المجهول .
هذا الانسحاب المقدر لكل البشر الفانين انطوى في حالته على شيء من السلوى فالجوانب السلبية ل" فرخ البط القبيح " من أودنزه كانت ظاهرة جدا للعيان وبالتالي كان سيصعب على الأجيال التالية غض النظر عنها تماما .
وسواء أكان أصل الصبي الذي جاء الى كوبنهاغن في سن الرابعة عشرة متسكعا ومفلسا ومليئا بالطموح يعود الى عائلة ملكية أو عائلة داعرة " السير التي صدرت حديثا عن حياته ترجح انتماءه للأخيرة " فمن المؤكد أن طفولته وعلى النقيض من كل مجده اللاحق كانت بؤسا محضا ومن بعد كانت شيخوخته البائسة التي تحول خلالها أندرسن الى بلاء لا يحتمل .
ثمة مشهد قصير يوضح ذلك : تلصص أندرسن على خطابات مضيفته النبيلة وعندما طلبت منه توضيحا لمسلكه هذا قال انه أراد أن يعرف ان كان الناس يتحدثون عنه في انجلترا أم لا : يالها من خيبة أمل ليست ثمة كلمة وادة عنه رغم أنه كان يعتقد أن الناس هناك يحبونه جدا !
بمرضه وادمانه للمورفين تحول أندرسن الى شيخ أناني لا يطاق يتسم بالفظاظة وعدم المبالاة يقوم في المطاعم بتنظيف طقم أسنانه في كوب ماء ولبخله يبقى في منزله مرتعشا من البرد دون تدفئة – مثل ملكة شريرة لا تستطيع أن تشيخ وتنهال عليها لعنات الانتقام المتمثلة في كل مكبوتات الحياة التي لم تكن بدورها سوى حكاية خرافية اذا ما كنا نعني بذلك حكاية مثل حكاية " الظل " .
هل كل ذلك بمثابة انهيار متأخر لشخصيته ؟ لقد كان بالأحرى انهيار للواجهات والأسوار التي تسعى بقدر الامكان لابعاد الجوهر النرجسي لهذه الشخصية عن الأنظار ولا يمكننا معرفة الكثير عن هذا الجوهر النرجسي من السير الصادرة حديثا عن حياة أندرسن فكعادة هذه المؤلفات كلما اقتربت من موضوع حساس سرعان ما تقوم بالالتفاف حوله ثم تنتقل بعد ذلك الى الموضوع التالي .

بيانات الرواية




الأسم: فهود في المعبد
المؤلف:  ميشائيل مار
الناشر:  مشروع كلمة
عدد الصفحات: 175
الحجم:  2 ميغا بايت
تحميل رواية فهود في المعبد

 


تعليقات