المسيرات والأوجاع لـ فؤاد التكرلي

هذه الرواية من الروايات العربية القليلة التي تعد على أصابع اليد الواحدة والتي يمكن أن تدخل في زمرة هذه الروايات الكبرى التي تنطوي الرواية على حوارها التناصي الفريد مع عدد كبير منها. وهو حوار تناصي ثري توظفه الرواية لتوسيع أفق رؤيتها وصياغة وعيها النقدي من أسلافها في آن.

مفتطفات من الرواية

لم يخطر ببال أحد من أهالي خانقين أن يثبت التاريخ الذي وجدت فيه " دربونة الشوادي " , ولماذا لم يخطر له ذلك على بال كانت موجودة منذ الأزل تقريبا , في تلك الزاوية الشرقية من المدينة التي يقل فيها الزحام وكان ارتباط وصف الشوادي بها كارتباط " آل عبد المولى " بمدينتهم وبمظهرهم
الشاذ فهم كلهم يعملون في النجارة , كبيرهم وصغيرهم وهم كلهم يعيشون في بيوت متلاصقة مفتوحة على بعضها , في ذلك الزقاق المليء بقطع الخشب والنشارة الذي سماه أهل خانقين " دربونة الشوادي " لسبب خاص جدا فمنذ سنوات وسنوات كان الجد عبد المولى يسكن بمفرده كوخا المسيرات والأوجاع منعزلا بجوار الأحراش في طرف ناء من المدينة , ويعمل في تقطيع ما يتيسر له من خشب الأشجار , ثم ينقله الى المدينة ليبيعه بأبخس الأثمان كان معروفا بجسده القصير المتين وبخلقته الغريبة , فهو أقرب الى القرد منه الى الانسان .
ولما كان أهل خانقين خليطا عجيبا من الأجناس تشترك بالصدفة في الدين فقد اتفقوا وهم يعلمون أن عبد المولى مجهول الأصل على ترديد القول المأثور " ولله في خلقه شؤون " كان قصيرا طويل الذراعين بأنف أفطس وعينين واسعتين جاحظتين , وكان فمه مشقوقا بغير براعة بحيث تبرز أسنانه الكبيرة الصفراء عند أول محاولة منه لتحريك شفتيه لذلك كان صموتا وكان أبناؤه من بعد وأبناء أبنائه صورا مشوهة أو محسنة قليلا من هذا النموذج الباهر .
لم يعلم أحد من أي مكان قدم الى تلك المنطقة الحدودية المفتوحة من الشمال أو الشرق أو من تحت الأرض غير أنه كان يتكلم العربية بلكنة أقرب الى لكنة الهنود وبعد ما مرت عليه بضع سنين . يعمل بجد مثل جرذ كبير بنى له كوخا آخر جوار كوخه وصار يستخدمه كمخزن لحفظ الخشب قبل نقله الى المدينة ومع انتهائه من بناء الكوخ الثاني أخذ يفكر بالزواج ويبحث عمن ترضى به فعلا ثم انه ابتنى بيتا صغيرا محاذيا كوخيه , استعدادا لاستقبال ابنة الحلال ولم يطل الزمن به طويلا حتى عثر عليها .
كانت ابنة لنجار لا علاقة متينة لها بالجمال لكنها كانت انثى ولودا , وتضاربت الآراء مع الاشاعات عن سبب قبول هذه الفتاة ابنة النجار التي لا علاقة لها بالجمال , بقاطع الخشب القادم من المجهول والذي لا علاقة له هو الآخر بالشكل البشري , قيل انه والدها أراد التخلص من هذه المصيبة , وقيل انها ثروة عبد المولى التي ظنت الفتاة أنه يخفيها عن الناس وقيل بل سحرها ثم أشيع أخيرا أنها رأت فيه شيئا أضاع صوابها فوافقت وهكذا , بعد عام أو حوالي ذلك تعالى في البيت الصغير صراخ الطفل الأول سماه والده " سمر الدين " وكان ميلاده صدمة عاطفية لأمه ولجده والدها , فهو لا يشبه أمه قط ولا أباها ولا أي فرد من أفراد عائلتها بل كان نسخة غير محسنة من أبيه .وبسبب خشية والدته وجده من سخرية أهالي خانقين المستقبلية فقد رفضا باصرار اقتراح الأب تسميته " جمال الدين " .

بيانات الرواية:


الأسم: المسيرات والأوجاع
المؤلف: فؤاد التكرلي
الناشر: دار المدى للثقافة والنشر والتوزيع
عدد الصفحات: 468
الحجم:  7 ميغابايت
شراء النسخة الورقية: من هــنــا
تحميل رواية المسيرات والأوجاع

تعليقات