مدن تأكل العشب رواية تلتصق بتفاصيلها بشفاف الحياة... تدنو كثيراً من الواقع مبتعدة عن الخيال عندما تصور عذابات الإنسان في غربته تدور في أرجائها فلسفة تكتنهها النفوس الملتاعة والمتشظية بالركض وراء حلم حلق يوماً وغاص ليغرق صاحبه في متاهات الغربة. ويفجر آماله شظايا تتاطير مبعثرة في اللانهاية.
أنا لا اعرف جمال عبد الناصر و انتم لا تعرفون جدتي .
جمال رفع شعار الوحدة العربية و فشل و جدتي رفعت شعار اغاثة الملهوف و فشلت و الاثنان احمل لهما حقدا دفينا و احملهما مسؤولية ضياعي .
كان من الممكن أن اعيش بداخل قريتي كبقية اهل القرية اشتغل بأي مهنة بسيطة و اعود في آخر الليل لأرتمي كبهيمة تفكتت فقراتها فاستسلمت للاسترخاء الطويل قبل أن تشد بحمولة أخرى كما كان من الممكن أن اظل (( ألجح )) بداخل السوق متبضعا و بائعا لتلك السلع التي لا تدر سوى الدوار اليومي و العودة بالنزر اليسير من المؤن اليومية أو أن اظل داخل الحقول ازيح دويبات الأرض عن
سنابل تخفق لنسمات العليل المتدافعة اثناء الاصيل و انشد مع الرعاة اناشيد اللوعة الغائمة .
كان يمكن أن يحدث هذا لولا (( فرعنة )) جمال و استعجال جدتي لانضاجي قبل الاوان . و كان يمكن أيضا ألا اتورط في حياة باردة و وحدة قاتلة لا اجد فيها سوى نفسي اطارحها الهموم و الشجن حتى ملت من خواطري و هجرتني و قادتني لأن اهجر كل شيء و ادخل اليها غريبا نتبادل التحايا الباردة و هز الكتوف و تبادل ظهورنا بمجرد القاء التحايا – حتى هذه التحايا تقاعسنا عن تبادلها مؤخرا .
تخاصمت مع كل شيء و تصدعت كجدار كان يقف عاليا . فجأة و انهار و تكوم على بعضه ليكشف المستور . كانت تقف خلفه نفس عارية تقطعت امانيها و احلامها و لم تكترث باطفاق حلم ما يواري سوءاتها فجلست تستقبل العيون الشاردة و الضحكات الباردة . ملت هذه النفس من كل ما حولها اكتشفت أن البشر كالتفاح ناضجون و متماسكون خلف قشرة رقيقة إذا اجترحها سكين تأكسدت و اقتربت من العطب بسرعة مذهلة ثم اكتشفت أن جسدي تابوت يحنطها ليتسلى بها فافترقت عن جسدي . افترقنا تبادلنا قليلا من الوساوس بالامس بصنادق جبل ابو مخروق هتاك حيث يطل الجبل بحجاره الكلسية على تلك الصناديق البائسة و المترامية بعشوائية على سفحه . كنت اجلس في صندقة يمضغها البرد القارس و تستبيحها الرياح . اجلس مغموسا في ملابسي الثقيلة الشوكية تصطك اسناني فأكوم عظامي أمام مدفأة تسلل دفؤها عبر تلك الشقوق الواسعة و لا اقدر على الضحك ..
( يا فخامة الرئيس الآن اسمعك تعلن تنحيك عن كرسي الرئاسة فأهجس بمرارة : - الآن !
لقد حملنا وزك و آثامك العظيمة و لن تنهيها تلك الخطبة التي تعودت على سماعها . كنت وحيدا و أنا استمع اليك وحيدا و أنا احبك و وحيدا و أنا اكرهك ) .
هي لعبة – لمن لم يجربها – سمجة . لعبة أن تسير وحيدا و تتخيل شخوصا و اشباحا يزاملونك و يحبونك و ينتظرونك و يخافون عليك و يشتاقون لك . و قبل أن تقطع طريقك تكون قد تخليت عن كل هذا و عدت وحيدا لتهجر داخلك عن داخلك .
الاسم : مدن تأكل العشب
المؤلف : عبده خال
الناشر : دار الساقي
عدد الصفحات : 176
الحجم : 25 ميجا
تحميل رواية مدن تأكل العشب
رابط تحميل فورشيرد
قراءة اونلاين
التواصل والإعلان على مواقعنا
أشترك فى قائمتنا البريدية ليصلك جديد الكتب
تابعنا على الفيسبوك
تابعنا على تويتر
زور موقعنا الجديد – معرفة بلس
زور موقعنا الجديد – عالم الكتب
زور موقعنا – مكتبة دوت كوم
زور موقع ثقف نفسك - حيث الثقافة والمعرفة
مقتطفات من الرواية
استهلالأنا لا اعرف جمال عبد الناصر و انتم لا تعرفون جدتي .
جمال رفع شعار الوحدة العربية و فشل و جدتي رفعت شعار اغاثة الملهوف و فشلت و الاثنان احمل لهما حقدا دفينا و احملهما مسؤولية ضياعي .
كان من الممكن أن اعيش بداخل قريتي كبقية اهل القرية اشتغل بأي مهنة بسيطة و اعود في آخر الليل لأرتمي كبهيمة تفكتت فقراتها فاستسلمت للاسترخاء الطويل قبل أن تشد بحمولة أخرى كما كان من الممكن أن اظل (( ألجح )) بداخل السوق متبضعا و بائعا لتلك السلع التي لا تدر سوى الدوار اليومي و العودة بالنزر اليسير من المؤن اليومية أو أن اظل داخل الحقول ازيح دويبات الأرض عن

كان يمكن أن يحدث هذا لولا (( فرعنة )) جمال و استعجال جدتي لانضاجي قبل الاوان . و كان يمكن أيضا ألا اتورط في حياة باردة و وحدة قاتلة لا اجد فيها سوى نفسي اطارحها الهموم و الشجن حتى ملت من خواطري و هجرتني و قادتني لأن اهجر كل شيء و ادخل اليها غريبا نتبادل التحايا الباردة و هز الكتوف و تبادل ظهورنا بمجرد القاء التحايا – حتى هذه التحايا تقاعسنا عن تبادلها مؤخرا .
تخاصمت مع كل شيء و تصدعت كجدار كان يقف عاليا . فجأة و انهار و تكوم على بعضه ليكشف المستور . كانت تقف خلفه نفس عارية تقطعت امانيها و احلامها و لم تكترث باطفاق حلم ما يواري سوءاتها فجلست تستقبل العيون الشاردة و الضحكات الباردة . ملت هذه النفس من كل ما حولها اكتشفت أن البشر كالتفاح ناضجون و متماسكون خلف قشرة رقيقة إذا اجترحها سكين تأكسدت و اقتربت من العطب بسرعة مذهلة ثم اكتشفت أن جسدي تابوت يحنطها ليتسلى بها فافترقت عن جسدي . افترقنا تبادلنا قليلا من الوساوس بالامس بصنادق جبل ابو مخروق هتاك حيث يطل الجبل بحجاره الكلسية على تلك الصناديق البائسة و المترامية بعشوائية على سفحه . كنت اجلس في صندقة يمضغها البرد القارس و تستبيحها الرياح . اجلس مغموسا في ملابسي الثقيلة الشوكية تصطك اسناني فأكوم عظامي أمام مدفأة تسلل دفؤها عبر تلك الشقوق الواسعة و لا اقدر على الضحك ..
( يا فخامة الرئيس الآن اسمعك تعلن تنحيك عن كرسي الرئاسة فأهجس بمرارة : - الآن !
لقد حملنا وزك و آثامك العظيمة و لن تنهيها تلك الخطبة التي تعودت على سماعها . كنت وحيدا و أنا استمع اليك وحيدا و أنا احبك و وحيدا و أنا اكرهك ) .
هي لعبة – لمن لم يجربها – سمجة . لعبة أن تسير وحيدا و تتخيل شخوصا و اشباحا يزاملونك و يحبونك و ينتظرونك و يخافون عليك و يشتاقون لك . و قبل أن تقطع طريقك تكون قد تخليت عن كل هذا و عدت وحيدا لتهجر داخلك عن داخلك .
بيانات الرواية
الاسم : مدن تأكل العشب
المؤلف : عبده خال
الناشر : دار الساقي
عدد الصفحات : 176
الحجم : 25 ميجا
تحميل رواية مدن تأكل العشب
روابط تحميل رواية مدن تأكل العشب
أشترى كتبك الورقية بخصومات كبيرة وتوصيل لباب بيتك
رابط تحميل مباشر - جوجل درايفرابط تحميل فورشيرد
قراءة اونلاين
التواصل والإعلان على مواقعنا
أشترك فى قائمتنا البريدية ليصلك جديد الكتب
تابعنا على الفيسبوك
تابعنا على تويتر
زور موقعنا الجديد – معرفة بلس
زور موقعنا الجديد – عالم الكتب
زور موقعنا – مكتبة دوت كوم
زور موقع ثقف نفسك - حيث الثقافة والمعرفة
تعليقات
إرسال تعليق