اللؤلؤة لـ جون شتاينبك



في الساحل المكسيكي حيث يعيش السكان الحقيقيون لتلك البلاد التي استباحها المهاجرون وحولوا أهلها إلى عبيد لا يمتلكون أحلاما ولا أمنيات منذ أربعمئة عام

مفتطفات من الرواية

استيقظ كينو في آخر موجات الليل لا تزال النجوم تشع والنهار كان قد رسم حزمة شاحبة فقط من الضياء على أسفل السماء من الشرق صاحت الديوك لبعض الوقت وأخذت الخنازير تجرب في تقليب الأغصان وقضم الأخشاب في محاولة منها للعثور على أي نوع من أنواع المرعى , وخارج الدغل انتصب منزل بين أجمة من الأشجار وكان هناك سرب من الطيور الصغيرة تثرثر وهي تتمادى فاردة أجنحتها في عباب السماء .
شرع كينو عينيه مسلطا نظرة بادئ ذي بدء على تلك الجهة المضيئة , حيث الباب وبعدها ألقى نظرة الى صندوق معلق كان يضم كوواتيتو نائما , وأخيرا أدار راسه تجاه زوجته جوانا حيث كان شال أبيض يلف انفها ونهديها ومؤخرتها الصغيرة , كانت عينا جوانا يقظتين أيضا اللتان لم يتذكر كينو أنه رآهما مغمضتين ابدا في الأوقات التي كان فيها يستيقظ .
اللؤلؤة شاهد كينو انعكاسا لصور النجوم في عيني جوانا السوداوين حيث كانت تنعم النظر اليه كعادتها في الصباحات السابقة اثر ما يشرع عينيه لاستقبال يوم جديد .
أخذ كينو يسمع النضوح الصباحي الخافت لأمواج الشاطئ يا لها من روعة أغلق كينو عينيه ليسعد سامعيه بهذه الموسيقى , قد يكون هو الوحيد الذي يسلك هذا السلوك وقد يكون هذا السلوك عاما عند أبناء قومه , مثل أبناء قومه الأوائل صناعا عظاما للأغاني لذا فان كل شيء شاهدوه أو فكروا به أو صنعوه أو سمعوه قدموه على طبق من الأغاني جرى هذا منذ أمد بعيد جدا ترسخت أغنيات كثيرة , حفظها كينو الا أنه لم يضف اليها حديثا أية أغنية تذكر وهذا لا يعني بالتأكيد أنه ليس هناك أية أغاني شخصية , كان يدندن بها , ففي رأس كينو الآن تصدح أغنية واضحة وناعمة واذا أصبح قادرا على ترديدها لكان قد أطلق عليها " أغنية العائلة " .
كان الدثار ملقى فوق أنفه لحمايته من الهواء الشديد الرطوبة قفزت عيناه باتجاه صوت لحلحة حدثت بقربه أتى صوت هذه اللحلحة من حركة نهوض جوادنا الذي كان عادة يتم بهدوء وصمت مطبقين ! مشت جوانا على قدمين حافيتين باتجاه الصندوق المعلق , حيث ينام كوواتيتو وانحنت فوقه مرددة بضع كلمات مطمئنة بحلق كوواتيتو عاليا من الزمن , ثم أطبق عينيه وغط في النوم ثانية .
اتجهت جوانا باتجاه حفرة الموقد وأماطت اللثام عن الحطب المغطى بالرماد وهوته لتعيد الاتقاد ريثما تقوم باحضار بضع قطع من الأغصان لتلقيها فوقه .
في هذه اللحظة نهض كينو دافعا عن رأسه وأنفه وكتفيه الدثار دفع قدميه في صندله واتجه لمراقبة بزوغ الفجر .
خارج الباب انحدر قليلا وقرفص لافا الدثار حول ركبتيه , شاهد كينو لطخات توهج سحب الخليج وهي تسبح في أعلى نسيم الهواء .
دنت منه معزاة بازدراء تشممته وبحلقت فيه بعينين باردتين صفراوتين والى الخلف منه كانت النار , التي أضرمتها جوانا قد اتقدت وتسربت أشعتها الى خارج المنزل عبر شقوق جدران البيت المبني من الأغصان , واندفعت فراشة الى الداخل بحثا عن الدفء كما بدأت أشعة عث " أثاث " المنزل تتهادى باحثة عن النار , عندها بدأت " أغنية العائلة " تصدح الى الخلف من كينو وكانت نغمات هذه الأغنية تأتي من خلال حجر الرحى الذي كانت تعزف عليه جوانا لتجرش الذرة لاعداد كعكات الصباح .

بيانات الرواية


الأسم:  اللؤلؤة
المؤلف: جون شتاينبك
عدد الصفحات: 113
الحجم: 2 ميغا بايت
تحميل رواية اللؤلؤة

تعليقات