"ليل الغرباء" عمل أدبي رائع عن قضية قومية عزيزة هي فلسطين، ولكنه في الحقيقة يمتد ليصبح عملاً أدبياً عن القضية العربية كلها، يرتعش بالمحبة الصافية الصادقة لها، والوعي العميق بأبعادها الأصيلة. معه يشعر القارئ أنه يسير على جمر ملتهب من أول سطر إلى آخر سطر.
تمطر تمطر
تمطر بردا رماديا و سأما . تمطر منذ الصباح و على وتيرة واحدة .. و على وتيرة واحدة ..
تزرعني في قطار بطئ يخترق صحاري شاسعة ميتة و ركابه لا يعرف بعضهم بعضا و كل منهم يتحدث لغة لا يعرفها الآخر و لا احد يدري إلى أين يمضي أو من أين اتى .. تمطر ببلادة و استمرار ...
و القطة لم تنقطع عن نواحها في الحديقة ... نواح خافت ملتاع .. احسه نصلا حادا لسكين تنغرس ببطء و استمرار . لا ادري لماذا لا اجرؤ على التخلص منها كما لا ادري لماذا قتلت اطفالها منذ اسابيع .
( في الليل سمعت مواء فظيعا .. كانت اول مرة اسمع قطتي المدللة تعول هكذا . تبعت الصوت . وجدتها في مرسمي ، قرب النافذة و على الوسادة خمس قطط صغيرة تتحرك و تزقزق .. خمسة اطفال هكذا للقطة و دفعة واحدة ! ... لا ادري لماذا انتزعتها رغم اظافرها المنشبة في يدي و فتحت النافذة و رميت بالقطط الخمس منها واحدا بعد الآخر .. كانت لا تزال تنوح و كان في عينيها اتهام حاقد مخيف ... نظرة انسانية كتلك التي تطل من عيني امرأة سحلوا اولادها أمام عينيها ... على جدران المرسم كانت عشرات اللوحات لعشرات الاطفال .. و وجوههم متشابهة كأنها وجه واحد لطفل لم يلد بعد لكني اعرف ملامحه جيدا ... حتى اجساد الرجال في لوحاتي كان لها وجه ذلك الطفل .. حتى اجساد الازهار حتى اجساد الاشياء كان لها وجه طفل الذي لم يلد .. و أنا اغلق الباب على نواحها سمعت أن مئات الاطفال في لوحاتي يبكون بمرارة و شراسة ) ...
تمطر تمطر
تمطر امسية جديدة كئيبة .. ليتها تنفجر رعدا .. تتمزق احشاؤها برقا تهذي رياحها في شوقو النوافذ و تصفر كي تخرس القطة و يكف السأم عن السأم .. أي شيء أي شيء إلا هذا الركود الميت الذي الذي يصبغ ايامي في هذه الفيلا المخيفة . و هو رغم الصقيع مغروس على الشرفة منذ أكثر من ساعة بلا حراك ..
و فزاع الطيور مغروس في آخر الحديقة بلا حراك أيضا .. ( انه صامت دوما .. منذ زواجنا لم نتبادل الحديث إلا نادرا .. تراه يتحدث إلى فزاعي الطيور و اشباح الحدائق ) .. يخرج لفافة جديدة ( لماذا لا يقدم لفزاع الطيور سيجارة ) في ايام زواجنا الاولى كان ذلك الصمت البارد يتعسني .. يرمي بي في حديقة صفراء حلزونية يموت فيها حتى الصدى .. في ايام زواجنا الاولى كان لا يزال قادرا على اتعاسي .. طالما بحثت له عن اعذار بينما أنا ارسم و ارسم لوحات الاطفال و اتمنى لو تصرخ لوحة يوما و يقفز منها طفل حي ... عشرات الاعذار (( انه قاض ، و في كل ما يدور ظلم لي .. و لكنه أيضا رجل اعمال كبير .. ربما تسرب ذلك الجزء من شخصيته إلى علاقتنا .. عواطفه تخضع لقانون العرض و الطلب .. إن تجهمت هش لي ، و إن صمت أغرقني بفصاحة مفاجئة .. إن بدوت راغبة به استخف بي و إن أعرضت عنه اشتعل وجدا )) ...
الاسم : ليل الغرباء
المؤلف : غادة السمان
الناشر : منشورات غادة السمان
عدد الصفحات : 173
الحجم : 5 ميجابيت
تحميل رواية ليل الغرباء 5 ميجا
رابط تحميل فورشيرد
قراءة اونلاين
التواصل والإعلان على مواقعنا
أشترك فى قائمتنا البريدية ليصلك جديد الكتب
تابعنا على الفيسبوك
تابعنا على تويتر
زور موقعنا الجديد – معرفة بلس
زور موقعنا الجديد – عالم الكتب
زور موقعنا – مكتبة دوت كوم
زور موقع ثقف نفسك - حيث الثقافة والمعرفة
مقتطفات من الرواية
تمطر بردا رماديا و سأما . تمطر منذ الصباح و على وتيرة واحدة .. و على وتيرة واحدة ..
تزرعني في قطار بطئ يخترق صحاري شاسعة ميتة و ركابه لا يعرف بعضهم بعضا و كل منهم يتحدث لغة لا يعرفها الآخر و لا احد يدري إلى أين يمضي أو من أين اتى .. تمطر ببلادة و استمرار ...

( في الليل سمعت مواء فظيعا .. كانت اول مرة اسمع قطتي المدللة تعول هكذا . تبعت الصوت . وجدتها في مرسمي ، قرب النافذة و على الوسادة خمس قطط صغيرة تتحرك و تزقزق .. خمسة اطفال هكذا للقطة و دفعة واحدة ! ... لا ادري لماذا انتزعتها رغم اظافرها المنشبة في يدي و فتحت النافذة و رميت بالقطط الخمس منها واحدا بعد الآخر .. كانت لا تزال تنوح و كان في عينيها اتهام حاقد مخيف ... نظرة انسانية كتلك التي تطل من عيني امرأة سحلوا اولادها أمام عينيها ... على جدران المرسم كانت عشرات اللوحات لعشرات الاطفال .. و وجوههم متشابهة كأنها وجه واحد لطفل لم يلد بعد لكني اعرف ملامحه جيدا ... حتى اجساد الرجال في لوحاتي كان لها وجه ذلك الطفل .. حتى اجساد الازهار حتى اجساد الاشياء كان لها وجه طفل الذي لم يلد .. و أنا اغلق الباب على نواحها سمعت أن مئات الاطفال في لوحاتي يبكون بمرارة و شراسة ) ...
تمطر امسية جديدة كئيبة .. ليتها تنفجر رعدا .. تتمزق احشاؤها برقا تهذي رياحها في شوقو النوافذ و تصفر كي تخرس القطة و يكف السأم عن السأم .. أي شيء أي شيء إلا هذا الركود الميت الذي الذي يصبغ ايامي في هذه الفيلا المخيفة . و هو رغم الصقيع مغروس على الشرفة منذ أكثر من ساعة بلا حراك ..
بيانات الرواية :
المؤلف : غادة السمان
الناشر : منشورات غادة السمان
عدد الصفحات : 173
الحجم : 5 ميجابيت
تحميل رواية ليل الغرباء 5 ميجا
روابط تحميل رواية
أشترى كتبك الورقية بخصومات كبيرة وتوصيل لباب بيتك
رابط تحميل مباشر - جوجل درايفرابط تحميل فورشيرد
التواصل والإعلان على مواقعنا
أشترك فى قائمتنا البريدية ليصلك جديد الكتب
تابعنا على الفيسبوك
تابعنا على تويتر
زور موقعنا الجديد – معرفة بلس
زور موقعنا الجديد – عالم الكتب
زور موقعنا – مكتبة دوت كوم
زور موقع ثقف نفسك - حيث الثقافة والمعرفة
تعليقات
إرسال تعليق