حكاية وهابية لـ عبد الله المفلح

 

مفتطفات من الرواية

مرقص الشيخ بخيت
تشعر أنك دخلت مغارة , أول ما تفعله هو أن تحجب بيديك أنوار المرقص الفاقعة التي تتدلى بكراتها المعدنية غير المخفية تحت ديكور ساتر عن أن تعشي بصرك فتضل طريقك لتقع في حضن أحد الجالسين أو تلمس يداك ما لا يجوز لهما لمسه لا ستر اليوم فمن يأتي الى هذا المكان يعلم مسبقا أن الديكورات ستكون كاشفة بالقدر الذي تسمح به قوانين السياحة والصياعة وقانون آدم سميث .
كان المرقص صغيرا لا غرابة فالفندق من فئة النجمتين , خمس ست سبع ثمان تسع عشر طاولات صغيرة هو كل ما استوعبته تلك المساحة الضيقة المواجهة للمسرح , مسارح ذوي الدخل المحدود على هذه الشاكلة دائما طاولتان في الواجهة للأشخاص ذوي الجيوب المنتفخة حتى في مكان رخيص مثل هذا ليس الناس سواسية , يجب أن تبرز الطبقية فهي وحدها التي تسمح لمثل هذه الفنادق بالعمل لأن أصحاب الأدوار الثانوية في فنادق الخمسة نجوم يجدون التعويض المناسب في لعب أدوار البطولة هنا .
حكاية وهابية لـ عبد الله المفلح حول الطاولتين الصغيرتين كراسي لفت ظهورها بقماش أبيض براق , لا بد أن من اختار هذا اللون أحمق فمن مكاني أستطيع رؤية اللطخ التي لكثرتها لم تستطع اخفائها الأيدي التي لفت رغم مهارتها .
تشعر من الوهلة الأولى لدخولك أنك في مكان غاية في الوساخة لا شك في أن الكل يجمع على تجاهل ذلك لأن أي اتهام لهذا المكان بالوساخة سينسحب على الجميع على الرغم من أنني أشك في أن أحدا سيعبأ برد اتهام كهذا أو اتخاذ موقف شخصي ما منه ...
الطاولات الثماني الأخرى متناثرة بتساو على الجانبين أربع طاولات في كل جهة وكأنها طاولات أفراد الحماية الخاصة بالجالسين على طاولتي الواجهة .
قل لي حول أي طاولة في المرقص تجلس أنت أقل لك من أنت وماذا تعمل وكم راتبك ؟
أرضية مكسوة بموكيت أحمر باهت جدا مطرز بحروق السجائر , خلفنا نحن الجالسين قبالة المسرح يوجد جدار ينتصفه ديكور خشبي بارز قليلا تآكلت حوافه بفعل الرطوبة وتدني الجودة .
حين تجلس وتسند ظهرك الى الجدار يرتطم رأسك بهذا الديكور توجد كتابة بقلم رصاص على الديكور توجد كتابة بقلم رصاص على الديكور : " الا القحبة أعيت من يداويها " !
النصف العلوي من الجدار غطي بزجاج رخيص كي يضفي على المشهد بعدا جماليا وكي يسمح للفتيات الراقصات بالحكم على رقصاتهن الجديدة المرتجلة في حينها فهن لا يجدن الوقت الكافي للتدريب بسبب لياليهن الحمراء التي لا تنتهي الا مع تباشير الصباح ....
أربع فتيات من بلاد شمال أفريقيا يتمايلن على المسرح اضافة الى الطبال وعازف الأورج .
يقودك مدير الصالة , ذلك هو اسمه الرسمي " القواد " باللفظة الصريحة والذي يبدو بجسمه الضخم كفرس النهر وبتقاطيع وجهه الممسوحة والجافة على الرغم من محاولته ترطيبها بافتعال الابتسام , يقودك محاولا احراجك للقبول بالجلوس على احدى الطاولتين القريبتين مرددا : " سدأني " صدقني " حأزبطك ! " ان قبلت دعوته تلك تصبح خروف تلك الليلة .
الكل يجس نبضك في زيارتك الأولى يغمز القواد للفتيات بعينيه فيأتين ليسلمن عليك ما ان تجلس وكل منهن تتغنج تمني نفسها بالفوز بك .

بيانات الرواية


الأسم: حكاية وهابية
المؤلف:  عبد الله المفلح
الناشر:  المركز الثقافي العربي
عدد الصفحات: 446
الحجم: 6 ميغا بايت

تحميل رواية حكاية وهابية

تعليقات