سنة أولى حب لـ مصطفى امين

تتابع الأحداث في "سنة أولى حب" لتحكي في سيروتها قصة حب وكفاح وصراع وعذاب ومتعة، وتتشكل صوراً يلمح القارئ من خلالها صورة المجتمع المصري في ذلك الوقت بصراع طبقاته.

مفتطفات من الرواية


مقدمة
دخل الشيخ عبد الرؤوف مدرس اللغة العربية الى فصل السنة الخامسة بالمدرسة السعيدية وكأنه يترنح وقام الطلبة من مقاعدهم متثاقلين متباطئين لتحيه فلم يرد عليهم ولم يشتم كعادته الطلبة الذين ظلوا جالسين في مقاعدهم دون أن يهبوا واقفين نزولا على بيت الشعر القائل :
قم للمعلم وفه التبجيلا كاد المعلم أن يكون رسولا
تغامز الطلبة وهمس بعضهم : أن زوجته لا بد أنها ضربته علقة قبل قدومه الى المدرسة .
ورمى الشيخ عبد الرؤوف كراريس الانشاء التي كان يتولى تصحيحها في اليوم السابق على مكتبه باحتقار ثم أمسك بكراسة منها , واستدار نحو الطلبة وعاد يترنح من جديد كأن مطرقة ضخمة هوت عليه .
سنة اولى حب كان الشيخ يهتز , عمامته الكبيرة البيضاء تهتز فوق رأسه الحنطي نظارته السوداء الضخمة تهتز فوق عينيه الشبيهتين بعيني الصقر شاربه الطويل يهتز فوق شفتيه الغليظتين قفطانه الواسع يهتز حول جسمه الفارع وبطنه يهتز أكثر مما تهتز العمامة والنظارة والشارب والقفطان .
واذا كان طلبة السنة الخامسة قد درسوا في مادة الجغرافيا أن اهتزاز الأرض هو الزلزال وأنه يسبق عادة انفججار البراكين فانهم تعلموا أن اهتزاز الشيخ عبد الرؤوف هو علامة كارثة وقعت أو مصيبة على وشك الحلول !
وتنفس الطلبة الصعداء عندما علموا أن احدا من أسرة الشيخ عبد الرؤوف لم ينتقل الى رحمة الله , لا أمه ولا زوجته ولا ابنته وانما التي ماتت هي اللغة العربية ! .

ووقف الشيخ عبد الرؤوف أستاذ اللغة العربية يرثي اللغة العربية كأنه يقرأ نعي فقيدة عزيزة في صفحة الوفيات بجريدة " الأهرام " ولم يلبث الطلبة أن اكتشفوا من رثاء الشيخ عبد الرؤوف للفقيدة أنهم هم الذين قتلوها !
قال الشيخ انه رأى في كراريسهم لغة الضاد تذبح أمامه يسفك دمها الغالي تغتال في الطريق العام تطعن في ظهرها بالخناجر والسكاكين .
وكان الشيخ يتكلم وكأنه يبكي يلوح بالكراريس وكأنه يلطم خديه , وكان صوته يتهدج تارة ثم يجلحل تارة أخرة وهو ينتقل من مرحلة الرثاء الى مرحلة المطالبة بالثأر والانتقام حتى تحسبه النائب العام يترافع أمام محكمة الجنايات ويطالب باعدام عصابة مجرمة أثيمة من القتلة والسفاحين .
وكان الطلبة جالسين في مقاعدهم يمثلون دور المتهمين ويتظاهرون بالوجوم والقلق وكأنهم مجرمون في قفص الاتهام ومن وقت لآخر يمسح التلميذ محمود البوهي دموعه بطرف كم الجاكتة ويخرج التلميذ علي فتحي منديلا كبيرا يجهش فيه بصوت عال موهما أن التأثر اشتد به وسالت الدموع من أنفه ! ويخفي عدد من التلاميذ ابتساماتهم الخبيثة خلف أيديهم بينما ينكس آخرون رؤوسهم متظاهرين بالخزي والعار والتوبة والندم بينما هم يقرأون مجلات مسرحية وقصصا غرامية أخفوها فوق ركبهم !
ويمضي الشيخ عبد الرؤوف في حفلة التأبين ويقول :
لا بد أن بينكم وبين سيبويه ثأرا قديما , لا بد أن أبا الأسود قتل اباكم أو ذبح أمكم .. طلبة في البكالوريا لا يعرفون " أخوات كان " ؟
ويقاطعه الطالب ابراهيم المناسترلي ويقول :
لأننا مازلنا صغار السن .. لا نعرف البنات !
وتضيع نكتة ابراهيم المناسترلي في ضوضاء الشيخ عبد الرؤوف الساخط الغاضب ويمضي قائلا :
ان الوقت جد لا هزل .

بيانات الرواية

الأسم: سنة أولى حب
المؤلف:  مصطفى امين
الناشر: 
عدد الصفحات: 81
الحجم: 8 ميغا بايت
تحميل رواية سنة أولى حب

تعليقات