ليس هناك ما يبهج لـ عبده خال

ليس هناك ما يبهج مجموعة قصص قصيرة من تأليف عبده خال و الشئ المشترك فيها أنه ليس فيها ما يبهج فعلا مجموعة من القصص الكئيبة الغارقة في الحزن و الظلم و الفقر

مقتطفات من الرواية


بعد تلك الحادثة غاب رشيد الاعمى من الحارة و لم يعد احد يعرف مكانه .
تلك الحادثة التي ظلت اياما غارقة في افواه اهل الحي يحكيها الجميع للجميع و يتبادلون الضحك حتى تهتز كروشهم أو تدمع عيونهم و بعد أن نضبت ضحكاتهم و ضمرت تلك الحادثة لكثرة ترديدها اشتاقوا لرشيد و تمنوا لو انه لم يغادر الحي حيث كان يملأ الطرقات بنكاته و أغانيه التي طالما سمعوها في الليالي المظلمة تنبعث من الراديو المحمول على عاتقه .
ليس هناك ما يبهج كانت الحارة تشعر أن لياليها انطفأت و أن ثمة مللا اقتعد الركن الذي كان يقتعده رشيد ..
ذلك المكان الذي اقسم الجميع بأنه لا يزال ينز بعرف المسك و ذلك الطيب الذي كان يتطيب به رشيد دون سواه من العطور .
و قد بكته اخته كثيرا و نذرت إن هو عاد لتذبحن عجلا و توزعه على كل عابر سبيل .. و تقول نساء الحي أن هذا النذر لم يكن صادرا من قلبها بنية صادقة و لكن من اجل أن لا يأكل الناس وجهها و يتهمونها بأنها تركت أخاها للضياع دون أن تكلف نفسها بالبحث عنه أو إظهار الالتياع لغيابه و تهامست الجارات بأنها في السر كانت تحمد الله الذي خلصها من إعالته التي ابتليت بها منذ أن فقد بصره .
و تراجعن عن مقولاتهن حين شعرن أن نساء الحارة قد افتقدن من كان يسقي بدواخلهن ثمارهن الذابلة .
و في جلسة جمعت رجال الحارة بمركاز العمدة قال ياسين الدقل :
- الله لا يرجع البعيد .. لم يترك امرأة إلا و لاحقها بلسانه .
فعقب العريفة محسن أبو الليل قائلا :
- الحق يقال .. نصف بنات الحارة تزوجن بفضل رشيد .. و من المفترض ألا نغضب منه فقد عذره الله في كتابه حين قال ( و ليس على الأعمى حرج )
فقال الدقل غاضبا :
- ذلك في الحرب و ليس في نسائنا .
فتدخل في الحديث حسين العماري محاولا تلطيف الجو :
- الرجل يرى بلسانه أكثر مما نرى بعيوننا و لم يكن ما يقوم به إلا ليعلمنا بأنه لا ينقصه الإبصار .
فرد الدقل :
- و لو تقول على زوجتك أكنت تقول هذا القول ؟!
فصمت العماري بعد أن تذكر حرقة الدقل حين ادعى رشيد أن زوجة الدقل جاءته و راودته عن نفسه فرد قائلا :
- أنت لا يقبل عليك إلا الجيف أمثال الدقل .

لكن محسن أبو الليل لم يسكت فقال :
- نعلم جميعا أن رشيد لم يكن صادقا في كل ما يقوله لكنه لم يكن ينظر إلى النساء بعينيه المنطفئتين بل كان يعرفهن من خلال أصواتهن و من سيرهن على الأرض و لم يتحدث عن واحدة إلا غدت مهوى الأفئدة .. و اذكر أنني كنت أمازحه في إحدى المرات و طلبت منه أن يصف لي بعض النساء اللاتي كن يعبرن الطريق فكان يصفهن بدقة لدرجة انك تظن أن هذا العمى لم يكن إلا ستارا يختفي خلفه .

بيانات الرواية :

الاسم : ليس هناك ما يبهج
المؤلف : عبده خال
عدد الصفحات : 120
الحجم : 1.5 ميجا
شراء النسخة الورقية : من هنا
تحميل رواية ليس هناك ما يبهج

تعليقات