مفتطفات من الرواية
هي وطفلها على السرير يعتصرهما الحزن والقلق واحساس ثقيل بالهم يجثم على الصدر ذبالة المصباح كانت على الأرض أسفل منهما صنعت لهما من الخلف ظلا واحدا كبيرا مد الظل المأتمي نفسه على الحائط وانكسر على جزء من السقف منكفئا عليهما انكفاء متابعا مهيبا , ريح خارجية لعبت بورق شجرة الرمان القريبة من النافذة المواربة سمع الولد وأمه حفيف ورق الشجرة كأنه وقع قدمي قاتل يتسلل اقتحمت الريح الحجرة اهتز لهب المصباح مع الريح فاهتز الظل أيضا على الحائط والسقف وتبدل حاله , انه الآن كروح مضطربة مذعورة تكافح لتهرب من مكان تقرأ فيها العزائم , نظر عاصم للظل المضطرب ارتجف قلبه الصغير مد شفته السفلى همس في أذن أمه بأنه خائف نظرت للظل ثم وضعت رأس ولدها على صدرها وقالت : وأنا أيضا .أنا لست في طريقي للملمة الأحزان والمخاوف والمظالم وشظايا الماضي الجارحة انما ذاهب هذه المرة كي أتنفس شيئا حارا يعتمل في صدري يلح على الخروج أنا في الطريق الى المكان حيث كانا

اليوم أنا في طريقي الى بلدتي مسقط رأسي التي لا أزورها الا كل عامين أو ثلاثة بعد ارتحال الأسرة للقاهرة أزورها هذا العام في موسم الشتاء صاحب العلامات الذي يغسل الصحراء ويطفئ فيحها ويسكن غبارها ويزينها بالأخضر ويعطيها نفسا جميلا ستكون بشوشة كما عهدتها في كل شتاء وبشاشة بلدتنا وكل بلدات الصحراء فيها شيء من حزن وحشمة وابتسامتها كابتسامة من يمسح دمعه مسامحا .
نحن عربان انتقل أجدادنا الى هذا الوادي منذ ما يزيد عن مئتي عام جاؤا مرتحلين من سيناء في أيام جدب خاصمت فيها السحب باديتهم فلم تنبت الحشائش فكادت القطعان أن تهلك فكان أن هاجر البعض الى هذه الناحية هربا الى ماء و مرعى .
بلدنا اسمه نجع " مفلح " ومفلح هو الجد الأكبر الذي جاء بأبنائه وحفدته وبنوا بيوتا من الحجارة واللبن وتركوا سكنى الخيام .
وبجانب الرعي وحراسة القوافل بدؤوا يمتهنون الفلاحة والتجارة وغيرها من أسباب الرزق .
لسنا من أهل البوادي المنقطعة عن حياة الحضر انقطاعا تاما نحن على حيرة بين عالمين على مقربة من الريف يفصلنا عنه نصف ميل من الرمل وترعة هناك شغلني التحديق في هذه الترعة كثيرا في طفولتي وكنت أعجب من كون ساحلاها مختلفين من ناحيتنا رملي ومن الناحية الأخرى ترابي ولقد أخذ منها أجدادنا مصرفا مائيا يمر عبر أنبوب من الفخار تحت الدرب الرملي المساحل للترعة من ناحيتنا ويظهر بعد هذا في ممر بين تلال من الرمال والصخور ويلتوي ذاك الممر يمنة ويسرة ويضيق ويتسع حسبما شكلته تضاريس الصحراء .
وينزل المصرف مع الممر رويدا رويدا الى أن يصب في سفح وادي مفلح وزراعاته ويروي في الوادي قرابة الثمانين فدانا من أشجار الزيتون والموالح وبساتين العنب وكروم النخيل .
بيانات الرواية
المؤلف: محمود توفيق حسين
الناشر: دار القمري
عدد الصفحات: 330
الحجم: 6 ميغا بايت
تحميل رواية حجر الكحل
روابط تحميل رواية
أشترى كتبك الورقية بخصومات كبيرة وتوصيل لباب بيتك
رابط تحميل مباشر - جوجل درايفرابط تحميل ميديا فاير
التواصل والإعلان على مواقعنا
أشترك فى قائمتنا البريدية ليصلك جديد الكتب
تابعنا على الفيسبوك
تابعنا على تويتر
زور موقعنا الجديد – معرفة بلس
زور موقعنا الجديد – عالم الكتب
زور موقعنا – مكتبة دوت كوم
زور موقع ثقف نفسك - حيث الثقافة والمعرفة
تعليقات
إرسال تعليق