حامل الوردة الأرجوانية لـ انطوان الدويهي



مفتطفات من الرواية

لا أدري أي تسمية ستحمل هذه الأوراق التي سأودعها رانيا لدى زيارتها المقبلة لي والتي ضمنتها قصة اعتقالي الغريبة في " حصن الميناء " سأترك لها في حال نشرها الأوراق وهو أمر غير مؤكد قط حرية الخيار بين بضعة عناوين مثل " بوصلة الروح " أو " هواجس الفجر " أو " حامل الوردة الأرجوانية " أو " مدونات حصن الميناء " أو سواها لا بد أنها ستستغرب الأمر وترفض المهمة لكني سألح عليها فتريحني من مشقة الخيار اذ لم يعد لدي الوقت للتفكير في ذلك .
لا تزال رانيا تزورني مرة في الأسبوع منذ توقيفي قبل شهرين مثلها مثل أمي البالغة الرابعة والثمانين , رانيا يوم الأربعاء ووالدتي يوم الجمعة ولا أحد سواهما فأنا رغبت ذلك ورجوت آمر السجن عدم استجابة طلبات أخرى لرؤيتي فلبى التماسي .
حامل الوردة الأرجوانية لـ انطوان الدويهي كان اعتقالي بمثابة المفاجأة الكبرى واللغز المحير لكل محيطي ومعارفي في الوطن والمهاجر وما زاد في الاستغراب أنه لم يوجه الي حتى الآن اتهام ولم يحقق معي أحد فبقي السر مطبقا , اني في نظر الكل مثال الرجل الهادئ المسالم المقيم في عالمه الخاص ال ي لا تشوب حياته شائبة وقد علمت أن المحاولات الكثيرة لمعرفة سبب الاعتقال لم تصل الى نتيجة .
أما أنا , وهذا أمر لم أبح به من قبل فعلى رغم جهلي سبب اعتقالي فاني لم أستغربه ولم أفاجأ به حقا , انه لشيء يصعب تفسيره ولعل ما يلقي بعضا من الضوء عليه تلك العبارة التي كانت ترددها أمي على مسمعي في العديد من الأوقات : " لا تخش شيئا فما يخشاه المرء يقع فيه " .
كانت تقولها بحس العلمية بدواخل نفسي وبقلق الخائفة علي من مصاعب الحياة ومع أني لم أكن أخشى الاعتقال فقد كنت على الدوام ومنذ مستهل ذاكرتي شديد التعلق بحريتي وهي سمة غالبة وفي لا وعيي , حيث يحفظ ما أشعر أنه جوهري , شيء سحري لا دور لي ولا ارادة في تكوينه ولا قدرة لي أو لأحد على المساس به وتغيير ذرة فيه تسكنه نزعات وهواجس دفينة من بينها هاجس الحرية .
فطالما شكرت الخالق على وجودي في هذه الامارة الجبلية الصغيرة المفتوحة على البحر المشمولة من زمان بنعمة الحرية وسط محيط فاقد لها , تمتد جذوري في أرضها الواحدة مئات السنين لكن الامارة أيضا لم تعد في منأى عن رياح التسلط التي تسربت اليها شيئا فشيئا في السنوات الأخيرة , باعثة فيها قلقا غريبا وظواهر اضطراب غير معهودة .
فأنا منذ مطلع صباي , لم تراودني قط فكرة التجوال شرقا أكثر من ذلك أخشى سلوك هذه الوجهة ولا أتصور نفسي متنقلا في مكان مهما كان مدهشا اذا كان مقموعا أخشى أن يفتقر موقفي الى المنطق والعقلانية مع أنه ليس موقفا أو أن ينطوي على مغالاة لا أريدها أو على حكم صارم لا أحبه ولا أرضاه .
لكن الأمر خارج تماما عن ارادتي مهما حاولت اقناع نفسي بغير ذلك أشعر مسبقا بما يشبه الاختناق في تلك الأمكنة فلا بد أن ينتفي اهتمامي بأي شيء فيها ولا بد أن تمتلكني عند وصولي اليها رغبة واحدة هي رغبة الخروج في أسرع وقت منها .

بيانات الرواية


الأسم: حامل الوردة الأرجوانية
المؤلف:  انطوان الدويهي
الناشر:  دار المراد
عدد الصفحات: 192
الحجم:  2 ميغا بايت
تحميل الرواية حامل الوردة الأرجوانية

تعليقات