ثلاثية نيويورك لـ بول اوستر

... هناك الرجل الذي يمضي في كل مكان بمجموعة من عصي قرع الطبول، لاطماً بها الرصيف بإيقاع طائش، عبثي، منحنياً على نحو مرتبك وهو يتقدم في الشارع ويقرع الإسمنت مراراً وتكراراً. وربما كان يحسب أنه يؤدي عملاً مهماً، ولو لم يقم بما هو عاكف عليه فلربما انهارت المدينة، وربما كان القمر سيخرج عن مداره، ويرتطم بالأرض.

مقتطفات من الرواية



يستمد العمل الماثل بين يدي القارئ اهميته من عدة ابعاد بالاهتمام حقا و ربما كان في مقدمتها ان (( ثلاثية نيويورك )) تشكل اللقاء الاول بين القارئ العربي و بين مؤلفها الروائي الامريكي البارز بول اوستر و انها تفتح لنا من ناحية اخرى افقا جديدا في التعرف على جوانب شائعة من ابداعات الادب الامريكي الحديث و من جانب ثالث فإننا بين يدي نموذج مدهش للاشتمال على رواية التحري الامريكية الضاربة الجذور في الادب الامريكي ثم نحن رابعا امام توظيف رائع للمكان في خدمة العمل و النسيج الروائيين على نحو قل نظيره في الادب العالمي .
و لو لم يكن صرح اهيمة هذا الكتاب قائما لاا على هذه الاعمدة الاربعة لكفاه هذا و كفانا غير انه من المحقق ان من سيقرأ (( ثلاثية نيويورك )) بحب و تعاطف سيجد الكثير من الجوانب التي تفرض ثلاثية نيويورك نفسها بقوة و وضوح .
و اذا كان تقديم كاتب جديد للقارئ العربي يتيح لمن يقوم بجهد هذا التقديم سعادة حقيقية قوامها لذة الاكتشاف و فرصة تقديم الباهر و المتألق للقارئ فإنه يلقي في الوقت نفسه على كاهله عبء التعرف بجوانب هذا الجديد سواء فيما يتعلق بالمؤلف او بعالمه الروائي .
و من المؤكد ان تلك مهمة ليست في حالة بول اوستر و (( ثلاثية نيويورك )) بالمهمة اليسيرة . و بغرض تبسيط هذه المهمة فإننا نتصور امكانية الحديث عن ثلاثة جوانب هي على التوالي : مكان بول اوستر على خارطة تيارات الادب الامريكي الحديث و ابعاد عالمه الروائب و جماليات المكان في (( ثلاثية نيويورك )) .
و اذا شئنا البدء بمحاولة تحديد مكان اوستر على خارطة تيارات الادب الامريكي الحديث وجدنا ان من واجبنا المبادرة على الفور الى ايضاح اننا لسنا بين يدي حديث مطول عن تطور هذا الادب فمثل هذا الحديث على اهميته ليس مكانه مقدمة مثل هذا العمل الروائي .
و ربما كان بوسعنا القول انه بعد رحيل عملاقي الرواية الامريكية ارنست همنجواي و وليام فونكر بدأ كثير من النقاد يستعير التعبير الشهير في دراسات المسرح (( موت التراجيديا )) ليتنبأ بـ (( موت الرواية الامريكية )) ، ذلك ان الكتابات الروائية الامريكية شهدت في هذه الفترة رحيلا في ارض رمادية او مسيرة غسقية في مناخ لا يستبين الناقد ، دع جانبا القارئ ، تحت افاقها المدهملة كفة ، فقد لزم جون بارث الصمت و لم يكتب غيره من امثال وليام جادس و توماس بنشون و سالنجر الا القليل بينما غلب طابع الكتابة الصحفية على اعمال نورمان ميللر و كان من الصعب القول بأن كاتبا مثل سول بيلو و جيمس بالدوين و فيليب روث يحملون الرواية الامريكية على اكتافهم ربما لأنهم في نهاية المطاف يكتبون من منظور جزئي متعلق غالبا برؤية الاقليات التي ينتمون اليها حتى و ان وصلت سعة افق بعض كتاباتهم الى حد منح سول بيلو على سبيل المثال جائزة نوبل للادب .

بيانات الرواية




الاسم : ثلاثية نيويورك
المؤلف : بول اوستر
الناشر : دار الادب
عدد الصفحات : 500
الحجم : 5.75 ميجا  
تحميل رواية ثلاثية نيويورك

 

تعليقات