البصيرة لـ جوزيه ساراماجو

يأخذنا سارماجوا من العمى إلى البصيرة من وباء العمى الأبيض إلى وباء الأصوات الانتخابية البيضاء الديمقراطية في عُرف الحكومات هي أنها تعطيك مطلق الحرية في أن تقول نعم , أو لا لكنها ستعاقبك أشد العقاب إذا كان قولك هو لا !! تُعاقب على استخدام حقك !!

مقتطفات من الرواية


(( انه طقس سيء لا يناسب يوم التصويت )) ، قال رئيس اللجنة الانتخابية رقم 14 بعد ان اغلق و بشدة المظلمة المبللة و خلع معطف المطر الذي حماه قليلا في المسافة التي تصل لأربعين مترا و التي سار فيها مسرعا من حيث ركن سيارته حتى الباب الذي دخل منه و بقلب يرتجف بداخله حتى كاد يقفز من فمه . (( اتمنى الا اكون اخر من وصل )) – قال للسكرتير الذي كان ينتظره مختبئا لكنه لم يستطيع ان يقي نفسه الاعاصير المائية التي تدفعها الرياح فتغمر الارض . (( لم يأت بعد نائبك لكننا مازلنا في موعدنا )) – هدأه السكرتير . (( سيكون من البطولة وصولنا جميعا مع هذا المطر )) – تفوه الرئيس و هو يعبر الصالة التي سيتم فيها التصويت . القى التحية اولا على زملائه في اللجنة و الذين سيقومون بدور المراقبين بعدها حيا ممثلي الاحزاب و نائبيهم . كان حريصا على ان يستخدم البصيرة مع الجميع نفس التحية بدون أن يظهر على وجهه او في نبرة صوته اية ايماءة توشي بميوله السياسية او الفكرية . إن أي رئيس خاصة لو رئيس لجنة انتخابية مشتركة مثله يجب ان يمسك زمام امره في كل المواقف و ان يتميز بالاستقلالية بمعناها الاكثر صرامة او بمعنى اخر يجب ان يحافظ على مظهره امام الجميع .
بالاضافة للرطوبة التي تجعل الجو كثيفا و خاصة داخل الصالة التي ليس بها سوى نافذتين صغيرتين تطلان على ممر مظلم حتى في الايام المشمسة كان يسود القلق و لاستخدام الاستعارة الدارجة ، كان يقطعهم كالسكين . (( كان من الافضل تأجيل الانتخابات )) – قال ممثل حزب الوسط ، البي دي ام – (( فمنذ الامس و السماء تمطر بلا توقف و الهوات و الفيضانات موجودة في كل مكان و سيسود هذه المرة الامتناع عن الانتخاب )) . قام ممثل حزب اليمين البي دي دي بالتأمين على كلامه بإيماءة من رأسه لكنه اعتبر ان اشتراكه في الحوار يجب ان يكتسي بالحذر . (( بالطبع انا لا اقلل من هذه الخطر لكنني اعتقد ان روح مواطنينا المخلصة و الوطنية و التي تم البرهنة عليها في مرات سابقة جديرة بثقتنا جميعا فهم واعون ، نعم نعم ، جد واعون بالاهمية القصوى لهذه الانتخابات المحلية من اجل مستقبل العاصمة )) . بعد قوله هذا التفت كل من ممثل حزب اليمين و الوسط بنظرة نصفها مرتاب و نصفها ساخر نحو ممثل حزب اليسار الي دي ايه يملأها الفضول لمعرفة أي رأي سيدلي به . في هذه اللحظة بالتحديد راشون الماء في كل جانب ، اقتحم نائب الرئيس الصالة و كما كانت متوقعا حيث اكتملت قائمة اللجنة الانتخابية كان الترحيب به اكثر من ودود ، كان حارا . لم نعرف كامل المعرفة رأي ممثل حزب اليسار لكن بناء على احداث سابقة و معرفة فمن المحتمل انه سيعبر عن نفسه بالاتفاق مع تفاؤل تاريخي واضح ، قائلا عبارة مثل هذه على سبيل المثال : (( إن المصوتين بحزبي اشخاص لا يفزعهم القليل ، فهم ليسوا من الناس الذين يبقون في بيوتهم بسبب اربع قطرات ماء جادت بها السماء )) . لكنها ليست اربع قطرات ماء انها مكعبات انها دوارق انها انهار لكنه الايمان بارك الله فيه دائما و ابدا فبالاضافة لكونه يبعد الجبال عن طريق من يتمتعون بقوته هو ايضا قادر على التجرؤ على الامطار الاكثر غزارة ليخرجون من تحتها فقط مستهوين .

 

بيانات الرواية




الاسم : البصيرة
المؤلف : جوزيه ساراماجو
الناشر : الهيئة المصرية العامة للكتاب
عدد الصفحات : 435
الحجم : 10 ميجا
تحميل رواية البصيرة

 


تعليقات