المنور لـ جوزيه ساراماجو


يقدّم خوزيه ساراماغو هنا رواية إجتماعيةً بالدرجة الأولى عن الناس المتواجدين في قعر الطبقة الوسطى في لشبونة من خلال حكاية قاطني أحد الأبنية معالجًا حياة كل منهم على حدة (مشاكلهم, رغباتهم, أحلامهم) في ظل مجتمع مقيّد بتقاليد إجتماعية ودينية حازمة وديكتاتوريةٍ قابعةٍ في خلفية الرواية إضافة إلى أوضاع إقتصادية متأزّمة.

مفتطفات من الرواية

" الكتاب الذي فقد في زمن وعثر عليه مع الزمن " , وهكذا كنا نشير الى " المنور " في منزلنا , وقد حاول الذين قرأوا الرواية آنذاك اقناع المؤلف بضرورة نشرها , لكن جوزيه ساراماجو كان يرفض ويصر على رفضه ويقول ان الكتاب لن ينشر طالما هو على قيد الحياة , كان تفسيره الوحيد أن ذلك يتعارض مع خطه في الحياة الذي كتب عنه مرارا وصرح به تكرارا , وهو ألا أحد مجبر على أن يحب أحدا آخر ولكن كلنا ملزمون باحترام بعضنا وفقا لهذا المنطق كان ساراماجو يعتبر أن ليس هناك أي مؤسسة ملزمة بنشر المخطوطات الي تتسلمها , انما هناك واجب ارسال الرد الى من انتظره يوما بعد يوم , شهرا بعد شهر بفارغ الصبر وربما ببعض الترقب القلق , لأن الكتاب الذي يسلمه صاحبه المخطوطة هو أكثر من مجرد حروف مكدسة فهو يضم في طياته كائنا بشريا بذكائه وأحاسيسه هكذا فان الجرح المنور الذي شعر به ساراماجو الشاب لعدم تسلمه ولو سطرا أو سطرين , ولو كلمة مختصرة تقول مثلا " أوقفنا النشر في الفترة الحالية " كان معرضا لأن يفتح من جديد كلما ذكرنا الكتاب أو هكذا فكر كل من كان يحيط به , مما حدانا الى عدم الاصرار على نشره رأينا في الألم العتيق أيضا سبب عدم اكتراثه لمخطوطاته وكيف تركها تقبع على طاولته بين ألف ورقة وورقة .
جوزيه ساراماجو لم يقرأ " المنور " ولم يلحظ غياب النسخة الأصلية عندما أخذتها للتجليد واتهمني بالمبالغة عندما قدمتها له مغلفة .
غير أنه لكونه المؤلف كان يعرف أن الرواية جيدة وأن بعض ما كان يضمه هذا العمل عاد الى الظهور في باقي آثاره الأدبية , وأنه حمل بذار ما انتهى لاحقا الى المنور والتفتح كليا ونقصد صوت ساراماجو الروائي الخاص به .
" كل شيء تمكن روايته بطريقة مختلفة " قالها ساراماجو ضاربا في صحارى الحياة ومبحرا في مياهها المضطربة , اذا أخذنا بهذه المقولة اليوم بعد تناول ما كان واقعا فعلا وما حسبناه فرضا سيتعين علينا تفسير الاشارات وفهم عناد الكاتب في ضوء حياة كاملة , مشاركا بها الآخرين ما لديه , تحدوه رغبة ملحة في التواصل .
" الموت هو الانتقال من حالة وجود الى غياب عن الوجود " قال أيضا جوزيه ساراماجو صحيح أنه مات وغاب عن الوجود ولكن فجأة ومع نشر " المنور " في البرتغال والبرازيل البلدين اللذين يحتضنان لغته يتناقل الناس من يد الى يد كتابا جديدا ويعلقون بانفعال ودهشة متجددين , على قراءته وعلى المفاجأة التي حملها معه .
هكذا نكتشف أن ساراماجو نشر مجددا رواية تحمل نضارة ملهمة تخترق أحاسيسنا وتنتزع منا التعبير عن بهجيتنا ودهشتنا , ونفهم أخيرا أن هذا ما أراد المؤلف تقديمه لنا ليستمر مشاركا ما لديه بعد غيابه , كليا عن الوجود ونسمع هنا وهناك كلاما لا يكل : هذا الكتاب درة نفيسة كيف أمكن لشاب في العقد الثالث من عمره الكتابة بكل هذا النضج وهذه الثقة , راسما معالم هواجسه الأدبية وخريطة عمله الفني واحساسه بهذا الوضوح ؟ نعم , هذا هو السؤال الذي يطرحه القراء من أين أتى ساراماجو بهذه المعرفة .

بيانات الرواية


الأسم: المنور
المؤلف:  جوزيه ساراماجو
الناشر: شركة المطبوعات
عدد الصفحات: 446
الحجم:  5 ميغا بايت
تحميل رواية المنور

تعليقات