زمكان لـ ثروت الخرباوي

تعيدنا رواية "زمكان" لأزمنة مضت و تعيد إلينا الماضي بشخوصه لتتفاعل مع الحاضر، فتمزج بين التاريخ و الخيال والواقع المُعاش، عبر رحلة الزمن التي تعيدنا لأزمة القرآن التي واجهها الامام ابن حنبل بثبات على مبدأ، وتعيده لنا ليحيا أزمة الإسلام في أيامنا تلك بين المتاجرين بالدين، لنكتشف ضعف الحاضر وهوانه

مقتطفات من الرواية

الحلم
(( عندي دهشة ، مازالت الحياة تمنحني الدهشة ))
أم العارفين بالله سيدة الحكمة (( ميمنة النورانية )) رضي الله عنها .
(( رأيت فيما يرى النائم أنني اعيش و كل من اعرف على شاطئ بحر دخلت إلى البحر لأسبح و انا لا اعرف السباحة فوجدت ماء البحر قرمزيا فاندهشت اخذت اتحسس موضع قدمي و استند إلى سور زمكان كبير مشيد وسط البحر و عندما توغلت قليلا وجدت الماء قد أصبح رائقا صافيا في لون زرقة السماء ففرحت به ايما فرحة نظرت إلى الجانب الايسر للبحر فوجدت بيوتا من فضة ذات قباب خضراء مقامة على الماء و الماء يغمر ابوابها اخذتني الدهشة فأخذت اعمل الفكر ، كيف يعيش اصحاب هذه البيوت و كيف يقضون شئونهم و بينما انا كذلك وجدتني قد توغلت كثيرا في لجة البحر فنظرت إلى الماء فوجدته في لون الحليب بياضه غريب يبهج القلوب و الابصار اندفعت موجة طيبة إلى وجهي تداعبه و كأنها ترغب في احتضانه فتذوق لساني ماءها فاذا بها احلى من العسل المصفى !! ابتهج خاطري و كاد قلبي يقفز من سعادة مندهشة خالطت عروقه و إذ نظرت إلى الجانب الايمن للبحر وجدت بيوتا شاهقة كالسفن يحملها الماء الأبيض العذب كانت هذه البيوت شفافة رأيت من خلالها ما خلفها و لكنني لم ار ما فيها ! تركت نفسي اسبح دون أن اتحسس موضع قدني فإذا بالماء يحملني و يدغدغ مشاعري مكثت في البحر لا ارغب في مغادرته و كيف لي أن اترك البحر و انا في عين النعيم !! و لكت الماء حملني للشاطئ و انا اقاومه و حين وجدتني اقف على الرمال سعيت سعيا للناس و صحت فيهم : إنكم لا تعرفون مدى حلاوة الماء الذي في وسط البحر ادخلوا لتعرفوا انظروا لتروا تذوقوا لتتبينوا و حين استيقظت كانت حلاوة الماء لا تزال على لساني )) .
و إذ قصصت رؤياي على جدي قال : ستعرف تأويلها بعد حين .
الزمن و المكان
مع الزمن ينتقل المرء من الشباب إلى الكهولة ثم إلى الشيخوخة و الشيخوخة ( عمر الحكمة ) و مع شيخوختي بدأت الامراض تغزو جسدي و تزلزل شراييني هي الامراض التي تعطيك عبق الحياة الحقيقي و حكمتها هي التي تجعلك ترى الحقيقة على حقيقتها تظل تكدح في الحياة و انت تنظر اليها فتراها صغيرة و احيانا كبيرة تظنها حينا محدبة و حينا أخر مقعرة و كأنك تجلس عند طبيب العيون تخضع لتجارب العدسات الصالحة لك فاذا تهادت الامراض إلى جسدك انطبقت عدستها مع حياتك وقتئذ سترى الدنيا يحجمها الحقيقي و تفصيلاتها الدقيقة ، الامراض تمنح بعضنا الحكمة فنعرف اعمارنا الحقيقية بالزمن الذي مر علينا و الزمن يمر على اجسادنا و لكنه لا يمر على اروحنا أبدا نظل عمرنا كله نشعر اننا مازلنا في ميعة الصبا نقاوم مروره على اجسادنا مقاومة فارغة هشة وهمية كأن يصبغ البعض شعره ليقضي على اللون الأبيض أو يلجأ البعض لأطباء التجميل و لكن مهما حاولنا فإن الزمن يمر و سيمر .

بيانات الرواية




الاسم : زمكان
المؤلف : ثروت الخرباوي
الناشر : دار نهضة مصر للنشر
عدد الصفحات : 403
الحجم : 22.6
تحميل رواية زمكان

 



تعليقات