الأمين والمأمون لـ جرجي زيدان

وتدخل رواية «الأمين والمأمون» ضمن سلسلة روايات تاريخ الإسلام، وهي رواية تاريخية تستقي أحداثها من وقائع التاريخ الإسلامي خلال الفترة العباسية، حيث تشتمل على ما وقع بين الأمين والمأمون من خلاف على الخلافة بعد وفاة والدهما الخليفة هارون الرشيد، وقد تطورت هذه الأحداث بعد ذلك إلى صراع بين الأخوين
مقتطفات من الرواية


كان المنصور قد بنى مدينة بغداد سنة 145 هــ و جعلها معقلا له و لجنده و رجال دولته و شيد في وسطها قصرا له سماه قصر الذهب و اقام بجانبه مسجدا عرف باسمه كما أنشأ الابنية فيما بقى من المدينة لأعمال حكومته و لرجال خاصته . و أحاط المدينة بسور مثلث الجدران فتح فيه اربعة ابواب سماها بأسماء الجهات التي تؤدي اليها . فسمى الباب الشرقي الشمالي باب خراسان و الشمالي الأمين والمأمون الغربي باب الشام و الشرقي الجنوبي باب البصرة و الغربي الجنوبي باب الكوفة . و أقطع رجاله ما يحيط بالمدينة من الارباض فابتنوا فيها القصور و عرفت تلك الارباض بأسمائهم . و لم يمض زمن حتى تكونت حول المدينة احياء عرفت بأسماء خاصة بها اشهرها الحربية في الشمال و الكرخ في الجنوب . و قامت الابنية شرق دجلة و نشأت هناك أحياء الشماسية و الرصافة و المحرم و غيرها . و بنى خارج باب خراسان قصرا كبيرا عرف بقصر الخلد و جعل بينه و بين ذلك الباب ميدانا كبيرا يمتد منه طريق يتجه نحو الشمال الشرقي إلى الجسر الاوسط القائم على دجلة ثم يعرج شمالا ثم شرقا حتى يمر بين الرصافة و المحرم و يعرف بطريق خراسان . و يتخلل تلك الاحياء كثير من القصور و الحدائق و الانهار ، (( أو الترع )) المتفرعة من دجلة إلى كل الجهات .
و كان من بينهما نهر يجري من دجلة شرقا حتى يخترق الرصافة و الشماسية عرف بنهر جعفر . و على جانبي هذا النهر أو الترعة وراء الرصافة بساتين فيها الاغراس و الاشجار و بعض الابنية و هناك بستان واقع على طريق خراسان من جهة و على ذلك النهر من جهة أخرى . أتخذه بعض الخمارين من أنباط السواد خانا ينزل به القادمون إلى بغداد من الغرباء . و جعل فيه مما يلي الطريق بيتا فيه الخمور و الانبذة و يصنع فيه الاطعمة لمن شاء من الغرباء أو البغداديين .
و كان لبعده عن العمارة و وقعه على قارعة الطريق يقصده الراغبون في ترويح النفس أو تناول الخمر من طبقات العامة لرخص الاثمان و قرب التناول و من بعض الخاصة الراغبين في شرب الخمر خفية خشية الرقيب أو فرارا من العار .
اما صاحب هذه الحانة فكان في حدود الستين عركه الدهر و لانت نفسه حتى كادت تسيل رقة . و قد عاصر ثلاثة من خلفاء بني العباس هم : المهدي و الهادي و الرشيد . و شهد كثيرا من الاهوال آخرها نكبة البرامكة منذ ستة أعوام ظل ثلاثة منها يشاهد جثة جعفر منصوبة على جسر بغداد .
و الخمارون يعتادون دماثة الخلق بما يعرض لهم من مخالطة الناس في احوال سكرهم و لهوهم و لاضطرارهم إلى مجاراتهم في طباعهم فيهون عليهم احتمال الضيم و الصبر على الاذى مرضاة (( لزبائنهم )) . فلا عجب ان كان ذلك الخمار من الين الناس عريكة و أطولهم بالا و اكثرهم اطلاعا على نقائض البشر و أكتمهم لاسرارهم . و كانت حرفته هذه تكاد تكون خاصة بأهل الذمة من اليهود أو الانباط سكان البلاد الاصليين و ذلك لتحريم شرب الخمر و بيعها على المسلمين .

بيانات الرواية




الاسم : الامين و المأمون
المؤلف : جرجي زيدان
الناشر : مؤسسة هنداوي للتعليم و الثقافة
عدد الصفحات : 215
الحجم : 13 ميجا


تحميل روايةالامين و المأمون

 

تعليقات