«أقزام جبابرة» هي مجموعة من القصص التي كتبها مارون عبود، والتي تُظهِر ارتباطه الوثيق بالقرية اللبنانية؛ حيث يتبين من خلال هذا العمل حرصُه الشديد على تصوير القرية اللبنانية في جوانبها المتعددة وخفايها الأسطورية .
أبو نعوم فات التسعين بضع خطوات و ظل يروح و يجيء . لم تهرهر التسعون جدران بيته الشامخة . هيكل ضخم أحكم بنيانه مناخ قريته الجبلية فكأنما استعيرت مواده من صخور ضيعته السمراء . حاجبان ثقيلان و رأس مدور أسمر نحاسي خربش الزمن حول انفع الافطس خطوطا مزرقة كأنها الزنجار .
ما شان ذلك الوجه الصلب في شيخوخة ابي نعوم المباركة الا رمد ربيعي اجتمع اشده في السبعين ، فصارت حدقتاه كعيني الوروار . وفي الثمانين ارتخى جفناه فانقلبا ظهرا لبطن . اما عقله و جميع حواسه فما أخذت منها الايام شيئا ، عقل ابن ثلاثين لولا انه يحدث نفسه بصوت عال .
يقعد على ضفة قرب حائط الكنيسة يتشمس . إن شرقت الشمي شرق معها و ان غربت غرب و متى غابت يغيب في فراشه . و في هذه الجلسات قلما يسكت ، يهرف مراجعا ذكرياته ، لم يتعلم ليكتبها و يحصى بين المؤلفين ؛ لذلك كان يحدث نفسه القاء و ايماء كانه يكرر دورا تمثيليا ليجيد اخراجه على المسرح و ان الليلة ليلة تمثيل الرواية .
تجري على لسانه أقوال حكيمة لو قالها في الاربعين و الخمسين لأحصي مع الحكماء الكبار و لكن الشيخوخة متهمة و إن قالت من الاقوال أثقبها . لو نطق في الامس بما يقوله لأحصى مع ابي فلان و فلان و فلان ، حكماء الضيعة السعيدي الذكر ...
يقع رف دوري على سنديانة الكنيسة فيتهلل أبو نعوم للغط تلك العصافير و ثرثرتها . قد ترزق احيانا عليه فيمسح صديريته باسما و لا يتقزز منها فكأنها من حفدته و اذا غرد الحسون رجح رأسه لتلك الموسيقى التي ألفها و اذا رأى السنونو تباشر ولى كتفه كأنه يرمي عنها شباط الثقيل و علل نفسه بالعيش إلى العام المقبل ثم يلج في تحديث نفسه بنبرات عنيفة تارة و خفوت طورا .
و في يوم من أيام نيسان الباسمة قعد أبو نعوم على حائط قبالة الكنيسة لم يستطع استقبال الشمس بعينيه المتهدلتين فولاها ظهره ثم أوغل في ذكرياته و علا صوته بسردها : حجارة مخربشة ، و لكني أراها مثل البدور ، كل ثقب من ثقوبها بوز يحكي و عين تنظر . ما أجمل حديثها و أحلاه ! كأنها تقول لي : (( أبو نعوم ، أهلا و سهلا ، مرحبا يا عشير الصبا ، مرحبا يا ابني الصغير ، أنا ربيت جد جد جدك ، تحت جناحي تخبا في الضيقات و الشدائد و في حضني كان يحدث ربه بكل هدوء و خشوع و تحت ارجل منبر اعترافي طرح خطاياه فخرج من بركة التوبة أبيض مثل الثلج . ضمن هذه الحيطان تبارك إكليل جدك الاعلى منذ اجيال ، و انت واحدة من ثمرات بركتي و ها هم ناموا حولي جميعا و ها انا ارعى قبورهم كحارس لا ينام و ناطور لا يغفل .
الاسم : أقزام جبابرة
المؤلف : مارون عابد
الناشر : مؤسسة هنداوي للتعليم و الثقافة
عدد الصفحات : 149
الحجم : 13 ميجا
تحميل رواية أقزام جبابرة
رابط تحميل فورشيرد
قراءة اونلاين
التواصل والإعلان على مواقعنا
أشترك فى قائمتنا البريدية ليصلك جديد الكتب
تابعنا على الفيسبوك
تابعنا على تويتر
زور موقعنا الجديد – معرفة بلس
زور موقعنا الجديد – عالم الكتب
زور موقعنا – مكتبة دوت كوم
زور موقع ثقف نفسك - حيث الثقافة والمعرفة
مقتطفات من الرواية
حجارة الضيعةأبو نعوم فات التسعين بضع خطوات و ظل يروح و يجيء . لم تهرهر التسعون جدران بيته الشامخة . هيكل ضخم أحكم بنيانه مناخ قريته الجبلية فكأنما استعيرت مواده من صخور ضيعته السمراء . حاجبان ثقيلان و رأس مدور أسمر نحاسي خربش الزمن حول انفع الافطس خطوطا مزرقة كأنها الزنجار .

يقعد على ضفة قرب حائط الكنيسة يتشمس . إن شرقت الشمي شرق معها و ان غربت غرب و متى غابت يغيب في فراشه . و في هذه الجلسات قلما يسكت ، يهرف مراجعا ذكرياته ، لم يتعلم ليكتبها و يحصى بين المؤلفين ؛ لذلك كان يحدث نفسه القاء و ايماء كانه يكرر دورا تمثيليا ليجيد اخراجه على المسرح و ان الليلة ليلة تمثيل الرواية .
تجري على لسانه أقوال حكيمة لو قالها في الاربعين و الخمسين لأحصي مع الحكماء الكبار و لكن الشيخوخة متهمة و إن قالت من الاقوال أثقبها . لو نطق في الامس بما يقوله لأحصى مع ابي فلان و فلان و فلان ، حكماء الضيعة السعيدي الذكر ...
يقع رف دوري على سنديانة الكنيسة فيتهلل أبو نعوم للغط تلك العصافير و ثرثرتها . قد ترزق احيانا عليه فيمسح صديريته باسما و لا يتقزز منها فكأنها من حفدته و اذا غرد الحسون رجح رأسه لتلك الموسيقى التي ألفها و اذا رأى السنونو تباشر ولى كتفه كأنه يرمي عنها شباط الثقيل و علل نفسه بالعيش إلى العام المقبل ثم يلج في تحديث نفسه بنبرات عنيفة تارة و خفوت طورا .
و في يوم من أيام نيسان الباسمة قعد أبو نعوم على حائط قبالة الكنيسة لم يستطع استقبال الشمس بعينيه المتهدلتين فولاها ظهره ثم أوغل في ذكرياته و علا صوته بسردها : حجارة مخربشة ، و لكني أراها مثل البدور ، كل ثقب من ثقوبها بوز يحكي و عين تنظر . ما أجمل حديثها و أحلاه ! كأنها تقول لي : (( أبو نعوم ، أهلا و سهلا ، مرحبا يا عشير الصبا ، مرحبا يا ابني الصغير ، أنا ربيت جد جد جدك ، تحت جناحي تخبا في الضيقات و الشدائد و في حضني كان يحدث ربه بكل هدوء و خشوع و تحت ارجل منبر اعترافي طرح خطاياه فخرج من بركة التوبة أبيض مثل الثلج . ضمن هذه الحيطان تبارك إكليل جدك الاعلى منذ اجيال ، و انت واحدة من ثمرات بركتي و ها هم ناموا حولي جميعا و ها انا ارعى قبورهم كحارس لا ينام و ناطور لا يغفل .
بيانات الرواية
الاسم : أقزام جبابرة
المؤلف : مارون عابد
الناشر : مؤسسة هنداوي للتعليم و الثقافة
عدد الصفحات : 149
الحجم : 13 ميجا
تحميل رواية أقزام جبابرة
روابط تحميل رواية أقزام جبابرة
أشترى كتبك الورقية بخصومات كبيرة وتوصيل لباب بيتك
رابط تحميل مباشر - جوجل درايفرابط تحميل فورشيرد
قراءة اونلاين
التواصل والإعلان على مواقعنا
أشترك فى قائمتنا البريدية ليصلك جديد الكتب
تابعنا على الفيسبوك
تابعنا على تويتر
زور موقعنا الجديد – معرفة بلس
زور موقعنا الجديد – عالم الكتب
زور موقعنا – مكتبة دوت كوم
زور موقع ثقف نفسك - حيث الثقافة والمعرفة
تعليقات
إرسال تعليق