وتدخل رواية «الانقلاب العثماني» ضمن سلسلة روايات تاريخ الإسلام، وهي تشتمل على وصف أحوال الأتراك في آخر عهد السلطان عبد الحميد، وتصف أحوال الأحرار العثمانيين، وجمعياتهم السرية، وما عانوا منه في سبيل طلب الدستور، ويتخلل الرواية وصف لحياة السلطان العثماني في «يلدز» وقصورها وحدائقها، وما لعبه الجواسيس والأعوان فيها، إلى أن تصل الأحداث بنا إلى انتصار جمعية الاتحاد والترقي ونيل الدستور في ٢٣ يوليو عام ١٩٠٨.
سلانيك أو سلانوك من أكبر مدن المملكة العثمانية و قد اشتهرت بنيل الدستور على ايدي احرارها . و هي واقعة على البحر و سكانها نحو 150 الفا منهم ستون الفا من اليهود ، و الباقون من الاتراك و الأروام و المقدونيين و الألبان و سائر الاجناس . و السبب في كثرة يهودها انهم نزحوا اليها من اسبانيا كما نزحوا إلى الاستانة و غيرها . و لا يزالون يتكلمون لغة الاسبان . و للمدينة رصيف عريض
يمتد على شاطئ البحر قد غرست الاشجار على جانبيه تحده المنازل الفخمة من جهة و البحر من الجهة الاخرى و هو أجمل متنزهات سلانيك يؤمه الناس ساعات النزهة في العربات أو الترام أو مشاة على الاقدام .
و في سلانيك حديقة للبلدية هي أحسن متنزه لتمضية الاوقات في المنادمة و المحادثة و هي كبيرة واسعة فيها كل انواع الاشجار و الرياحين و الازهار و فيها مطاعم و مقاه و مسرح و تشبه إلى حد كبير حديثة بني شان في الاستانة و حديقة الازبكية في مصر يقصدها طلاب التنزه أو اللهو نهارا و ليلا أفرادا و جماعات و فيهم الشاب و الشيخ و الصبية و العجوز من مختلف الاديان و الاجناس . من الافرنج و اليهود و الاتراك على تباين عاداتهم و أخلاقهم . فيجلس بعضهم إلى موائد يتعاطون المشروبات و يتمشى بعضهم في طرقات الحديقة بين الاشجار و كل منهم في شاغل نفسه أو بعائلته و أولاده يراعيهم و يهيئ لهم ما يطلبون أو يتحدثون بما يطيب لهم بلا مراقبة و لا حذر .
اما في زمن الاستبداد على عهد عبد الحميد فكان الناس اذا دخلوا الحديقة أو غيرها من أماكن الاجتماع لا يتخاطبون الا همسا خوفا من جاسوس أو واش يغتنم لفظة يسمعها فيبادر بنقلها إلى أولي الشأن فيعرض قائلها للموت أو السجن . و قد لا يكون لذلك القول غرض أو مغزى و لكن الجاسوسية في زمن ذلك السلطان بلغت مبلغا لم يكن له مثيل في زمن من الازمان و لا سيما في اواخر ايامه اذ تبدأ روايتنا هذه .
ففي اصيل يوم ربيع سنة 1907 م كانت حديقة البلدية في سلانيك قد كستها الطبيعة حلة خضراء مزركشة بالازهار و الرياحين و انتشر عبيرها و صفا الجو و تقاطر الناس اليها من كل جهة و فيهم بالزي الافرنجي أو التركي . و التركيات اذا أتين الحديقة اخترن ناحية غضة الاغصان جلست امرأة متوسطة العمر على مقعد من مقاعد الحديقة و إلى جانبها فتاة في مقتبل الشباب . ذات جمال و أدب و ذكاء و كمال . و كان لباس المرأتين تركيا لا يظهر منه الا رداء بني اللون يكسو الجسم كله كالجبة الواسعة و على الرأس خمار شفاف يكسوه كله الا بعض الوجه . و كان شعر المرأة الكهلة مضفورا على النمط القديم اما الفتاة فقد ضفرته على النمط الافرنجي و غطته بالنقاب الشفاف . و لا يحتاج الناظر إلى امعان كثير في وجهيهما ليتبين ان الفتاة ابنة الكهلة لشدة ما بينهما من المشابهة .
الاسم : الانقلاب العثماني
المؤلف : جرجي زيدان
الناشر : مؤسسة هنداوي للتعليم و الثقافة
عدد الصفحات : 208
الحجم : 13 ميجا
تحميل كتاب الانقلاب العثماني
رابط تحميل فورشيرد
قراءة اونلاين
التواصل والإعلان على مواقعنا
أشترك فى قائمتنا البريدية ليصلك جديد الكتب
تابعنا على الفيسبوك
تابعنا على تويتر
زور موقعنا الجديد – معرفة بلس
زور موقعنا الجديد – عالم الكتب
زور موقعنا – مكتبة دوت كوم
زور موقع ثقف نفسك - حيث الثقافة والمعرفة
مقتطفات من الرواية
سلانيك أو سلانوك من أكبر مدن المملكة العثمانية و قد اشتهرت بنيل الدستور على ايدي احرارها . و هي واقعة على البحر و سكانها نحو 150 الفا منهم ستون الفا من اليهود ، و الباقون من الاتراك و الأروام و المقدونيين و الألبان و سائر الاجناس . و السبب في كثرة يهودها انهم نزحوا اليها من اسبانيا كما نزحوا إلى الاستانة و غيرها . و لا يزالون يتكلمون لغة الاسبان . و للمدينة رصيف عريض

و في سلانيك حديقة للبلدية هي أحسن متنزه لتمضية الاوقات في المنادمة و المحادثة و هي كبيرة واسعة فيها كل انواع الاشجار و الرياحين و الازهار و فيها مطاعم و مقاه و مسرح و تشبه إلى حد كبير حديثة بني شان في الاستانة و حديقة الازبكية في مصر يقصدها طلاب التنزه أو اللهو نهارا و ليلا أفرادا و جماعات و فيهم الشاب و الشيخ و الصبية و العجوز من مختلف الاديان و الاجناس . من الافرنج و اليهود و الاتراك على تباين عاداتهم و أخلاقهم . فيجلس بعضهم إلى موائد يتعاطون المشروبات و يتمشى بعضهم في طرقات الحديقة بين الاشجار و كل منهم في شاغل نفسه أو بعائلته و أولاده يراعيهم و يهيئ لهم ما يطلبون أو يتحدثون بما يطيب لهم بلا مراقبة و لا حذر .
اما في زمن الاستبداد على عهد عبد الحميد فكان الناس اذا دخلوا الحديقة أو غيرها من أماكن الاجتماع لا يتخاطبون الا همسا خوفا من جاسوس أو واش يغتنم لفظة يسمعها فيبادر بنقلها إلى أولي الشأن فيعرض قائلها للموت أو السجن . و قد لا يكون لذلك القول غرض أو مغزى و لكن الجاسوسية في زمن ذلك السلطان بلغت مبلغا لم يكن له مثيل في زمن من الازمان و لا سيما في اواخر ايامه اذ تبدأ روايتنا هذه .
ففي اصيل يوم ربيع سنة 1907 م كانت حديقة البلدية في سلانيك قد كستها الطبيعة حلة خضراء مزركشة بالازهار و الرياحين و انتشر عبيرها و صفا الجو و تقاطر الناس اليها من كل جهة و فيهم بالزي الافرنجي أو التركي . و التركيات اذا أتين الحديقة اخترن ناحية غضة الاغصان جلست امرأة متوسطة العمر على مقعد من مقاعد الحديقة و إلى جانبها فتاة في مقتبل الشباب . ذات جمال و أدب و ذكاء و كمال . و كان لباس المرأتين تركيا لا يظهر منه الا رداء بني اللون يكسو الجسم كله كالجبة الواسعة و على الرأس خمار شفاف يكسوه كله الا بعض الوجه . و كان شعر المرأة الكهلة مضفورا على النمط القديم اما الفتاة فقد ضفرته على النمط الافرنجي و غطته بالنقاب الشفاف . و لا يحتاج الناظر إلى امعان كثير في وجهيهما ليتبين ان الفتاة ابنة الكهلة لشدة ما بينهما من المشابهة .
بيانات الرواية
الاسم : الانقلاب العثماني
المؤلف : جرجي زيدان
الناشر : مؤسسة هنداوي للتعليم و الثقافة
عدد الصفحات : 208
الحجم : 13 ميجا
تحميل كتاب الانقلاب العثماني
روابط تحميل رواية الانقلاب العثماني
أشترى كتبك الورقية بخصومات كبيرة وتوصيل لباب بيتك
رابط تحميل مباشر - جوجل درايفرابط تحميل فورشيرد
قراءة اونلاين
التواصل والإعلان على مواقعنا
أشترك فى قائمتنا البريدية ليصلك جديد الكتب
تابعنا على الفيسبوك
تابعنا على تويتر
زور موقعنا الجديد – معرفة بلس
زور موقعنا الجديد – عالم الكتب
زور موقعنا – مكتبة دوت كوم
زور موقع ثقف نفسك - حيث الثقافة والمعرفة
تعليقات
إرسال تعليق