الأمير الساخر «مارون عبود»؛ الذي استطاع أن يُدخِل الأدبَ معترَك الحياة، وأن يصل إلى قلب الرجل البسيط، فهو دائمًا ما يناقش روايته بأسلوبٍ سلسٍ وساخرٍ. وفي رواية «الأمير الأحمر» يحاول مارون رصد أهم المشكلات التي يواجهها الريف اللبناني، مثل المشكلات الاقتصادية والاجتماعية، فنراه يسلِّط الضوء على الضرائب الكثيرة المفروضة على الفلاحين، كما يتطرق إلى العلاقة بين الرجل والمرأة، ويناقش الدور الاجتماعي للكنيسة في مواجهة هذه المشكلات.
متى رأيت أبا ناصيف عائد من حقله في أخريات أماسي ايلول المغبرة السماء تذكرت قول الشاعر : (( ما الجمال مشهيا وئيدا )) !
و لكن صاحبنا لا يحمل جندلا و لا حديدا بلا سلا من التين المشرح يشده إلى صدره بجبل من الشعر ؛ ليحمل في يده اليمني قفة فيها الزبيب و نوع اخر من التين المجفف . فالتين و الدبس و الجوز و الزبيب حلاوة الفلاح اللبناني و نقله شاتيا و متربعا . و يأكل بعضها و يدخر البعض الاخر لقرى الضيوف و سلوى السامرين عنده في ليالي الشتاء المعربدة .
على هذا درج اللبنانيون القدامى الذين جعلوا من هذه الجبال حصونا لهم منيعة و أحبوا أرضهم بقلوبهم و سواعدهم فما تغنوا بها بل استنبتوها مواسم و خيرات و جعلوها اما يفيض حنانها لبنا و عسلا و زيتا فتمتلئ الخوابي و تكتمل المؤن و اذا بالقروي سلطان في بيته الصغير يهزأ بالأزمات و الاعاصير .
كان ابو ناصيف يمشي متثاقلا تحت حملين : حمل واقعي و هو نحو ربع قنطار و حمل معنوي و هو التفكير بما عساه يبقى له و لأولاده من تلك الغلة التي سقى اشجارها بعرق الجبين و (( زوم )) العينين .
كان يفكر بالمير و ضرائبه السخنة ... و ها هو يمشي و يردد بصوت مسموع : (( في كل يوم جباه و عسكر ، خيالة و أغوات يثقلون على الناس و يكبسون البيوت كل مدة نسمع بضريبة جديدة : هذي اسمها ميري ، و واحدة اسمها شاشية و ثالثة اسمها بزرية )) .
ثم حط السل على حائط ليستريح قليلا و صاح : (( و رابعة اسمها ضربة تفك رقابهم من كبيرهم إلى صغيرهم ! ما خبرنا أحد من جدودنا بمثل ظلم المير بشير قاسم . الله لا يرده ! ))
و نظر أبو ناصيف إلى التينات الخضر المشققة الافواه فخالها تضحك له و لأهله فهز رأسه بحسرة و قال : (( ما أكرم الارض و ما اوفاها ! اطعمها تطعمك . ))
و رأى الهواء يتغير فحمل سله و مشى و هو يقول : (( أيلول طرفه بالشتا مبلول . نشكر الله ، سلم التين هذه السنة و ما حمض منه شيء و لا اسود . الموسم مليح هذه السنة و لكن من يشبع سيدنا المير ؟ ... أفظع من حوت مار جرجس ! ))
و ما بلغ المصطبة حتى كانت امرأته في انتظاره فهرولت نحوه لتعاونه على حط الحمل عن ظهره فقال لها و هو يطحر : (( هذه اكلة تين مشبعة ! ودعوا الصيف ... ))
فضحكت لولو للتينات المنثورة على وجه السل متعجبة كيف وجدها زوجها مع ان التين ساب منذ منتصف ايلول . و المثل يقول : (( بعد عيد الصليب كل أخضر يسيب )) .
الاسم : الامير الاحمر
المؤلف : مارون عبود
الناشر : مؤسسة هنداوي للتعليم و الثقافة
عدد الصفحات : 118
الحجم : 1.7 ميجا
تحميل رواية الامير الاحمر
رابط تحميل فورشيرد
قراءة اونلاين
التواصل والإعلان على مواقعنا
أشترك فى قائمتنا البريدية ليصلك جديد الكتب
تابعنا على الفيسبوك
تابعنا على تويتر
زور موقعنا الجديد – معرفة بلس
زور موقعنا الجديد – عالم الكتب
زور موقعنا – مكتبة دوت كوم
زور موقع ثقف نفسك - حيث الثقافة والمعرفة
مقتطفات من الرواية
متى رأيت أبا ناصيف عائد من حقله في أخريات أماسي ايلول المغبرة السماء تذكرت قول الشاعر : (( ما الجمال مشهيا وئيدا )) !
و لكن صاحبنا لا يحمل جندلا و لا حديدا بلا سلا من التين المشرح يشده إلى صدره بجبل من الشعر ؛ ليحمل في يده اليمني قفة فيها الزبيب و نوع اخر من التين المجفف . فالتين و الدبس و الجوز و الزبيب حلاوة الفلاح اللبناني و نقله شاتيا و متربعا . و يأكل بعضها و يدخر البعض الاخر لقرى الضيوف و سلوى السامرين عنده في ليالي الشتاء المعربدة .

كان ابو ناصيف يمشي متثاقلا تحت حملين : حمل واقعي و هو نحو ربع قنطار و حمل معنوي و هو التفكير بما عساه يبقى له و لأولاده من تلك الغلة التي سقى اشجارها بعرق الجبين و (( زوم )) العينين .
كان يفكر بالمير و ضرائبه السخنة ... و ها هو يمشي و يردد بصوت مسموع : (( في كل يوم جباه و عسكر ، خيالة و أغوات يثقلون على الناس و يكبسون البيوت كل مدة نسمع بضريبة جديدة : هذي اسمها ميري ، و واحدة اسمها شاشية و ثالثة اسمها بزرية )) .
ثم حط السل على حائط ليستريح قليلا و صاح : (( و رابعة اسمها ضربة تفك رقابهم من كبيرهم إلى صغيرهم ! ما خبرنا أحد من جدودنا بمثل ظلم المير بشير قاسم . الله لا يرده ! ))
و نظر أبو ناصيف إلى التينات الخضر المشققة الافواه فخالها تضحك له و لأهله فهز رأسه بحسرة و قال : (( ما أكرم الارض و ما اوفاها ! اطعمها تطعمك . ))
و رأى الهواء يتغير فحمل سله و مشى و هو يقول : (( أيلول طرفه بالشتا مبلول . نشكر الله ، سلم التين هذه السنة و ما حمض منه شيء و لا اسود . الموسم مليح هذه السنة و لكن من يشبع سيدنا المير ؟ ... أفظع من حوت مار جرجس ! ))
و ما بلغ المصطبة حتى كانت امرأته في انتظاره فهرولت نحوه لتعاونه على حط الحمل عن ظهره فقال لها و هو يطحر : (( هذه اكلة تين مشبعة ! ودعوا الصيف ... ))
فضحكت لولو للتينات المنثورة على وجه السل متعجبة كيف وجدها زوجها مع ان التين ساب منذ منتصف ايلول . و المثل يقول : (( بعد عيد الصليب كل أخضر يسيب )) .
بيانات الرواية
الاسم : الامير الاحمر
المؤلف : مارون عبود
الناشر : مؤسسة هنداوي للتعليم و الثقافة
عدد الصفحات : 118
الحجم : 1.7 ميجا
تحميل رواية الامير الاحمر
روابط تحميل رواية الأمير الاحمر
أشترى كتبك الورقية بخصومات كبيرة وتوصيل لباب بيتك
رابط تحميل مباشر - جوجل درايفرابط تحميل فورشيرد
قراءة اونلاين
التواصل والإعلان على مواقعنا
أشترك فى قائمتنا البريدية ليصلك جديد الكتب
تابعنا على الفيسبوك
تابعنا على تويتر
زور موقعنا الجديد – معرفة بلس
زور موقعنا الجديد – عالم الكتب
زور موقعنا – مكتبة دوت كوم
زور موقع ثقف نفسك - حيث الثقافة والمعرفة
تعليقات
إرسال تعليق